الخامس ـ لعب كان في الجاهلية يسمى بالزّور ، قاله عكرمة.
السادس ـ أنه المجلس الذي يشتم به النبىّ صلى الله عليه وسلم.
المسألة الثانية ـ أما القول بأنه مجلس يشتم فيه النبىّ فهو القول الأول أنه الشرك ، لأن شتم النبي شرك ، والجلوس مع من يشتمه من غير تغيير ولا قتل له ـ شرك.
وأما القول بأنه الكذب فهو الصحيح ، لأن كلّ ذلك إلى الكذب يرجع.
وأما من قال : إنه أعياد أهل الذمة ، فإن فصح النصارى وسبت اليهود يذكر فيه الكفر ، فمشاهدته مشاهدة كفر ، إلّا لما يقتضى ذلك من المعاني الدينية ، أو على جهل من المشاهد له.
وأما القول بأنه الغناء فليس ينتهى إلى هذا الحدّ ، وقد بينا أمره فيما تقدم ، وقلنا : إنّ منه مباحا ومنه محظورا.
وأما من قال : إنه لعب كان في الجاهلية فإنما يحرم ذلك إذا كان فيه قمار أو جهالة أو أمر يعود إلى الكفر.
المسألة الثالثة ـ قوله : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً).
قد بيّنا اللغو (١) ، وأنه ما لا فائدة فيه من قول أو فعل ، فإن كانت فيه مضرة في دين أو دنيا فقد تأكّد أمره في التحريم ، وذلك بحسب تلك المضرّة في اعتقاد أو فعل. ويتركب اللغو على الزّور ، ولكن ينبغي أن يكون له معنى زائد هاهنا ، لأنه قال : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) ، فهذا محرّم بلا كلام.
ثم قال : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) ، يعنى الذي لا فائدة فيه تكرّموا عنه ، حتى قال قوم من أهل التفسير : إنه ذكر الرّفث ، ويكون لغوا مجرّدا إذا كان في الحلال ، ويكون زورا محرّما إذا كان في الحرام ، وإن احتاج أحد إلى ذكر الفرج أو النكاح لأمر يتعلق بالدين جاز ذلك ، كما روى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي اعترف عنده بالزنا : نكتها؟ لا تكنى ، للحاجة إلى ذلك في تقدير الفعل الذي يتعلّق به الحدّ.
__________________
(١) صفحة ١٧٥ وما بعدها.