الثاني ـ أنهم السفهاء.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (سَلاماً).
فيه وجهان :
أحدهما ـ أنه بمعنى حسن وسداد.
الثاني ـ أنه قول سلام عليكم. قال سيبويه : لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلّموا على المشركين ، ولكنه على معنى قولهم : [تسلّما منكم ، و] (١) لا خير بيننا ولا شرّ.
قال الفقيه القاضي أبو بكر رحمه الله : ولا نهوا عن ذلك ، بل أمروا (٢) بالصفح والهجر الجميل ، وقد كان من سلف من الأمم في دينهم التسليم على جميع الأمم.
وفي الإسرائيليات : إنّ عيسى مرّ به خنزير فقال له : اذهب بسلام حين لم يقل ـ وهو لا يعقل ـ السلام. فأما الكفار فكانوا يفعلونه وتلين جوانبهم به ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على أنديتهم ويحيّيهم ويدانيهم ولا يداهنهم. فيحتمل قوله : (قالُوا سَلاماً) المصدر ، ويحتمل أن يكون المراد به التحية.
وقد بينا ذلك كله في سورة هود (٣).
وقد اتفق الناس على أنّ السفيه من المؤمنين إذا جفاك يجوز أن تقول له سلام عليك.
وهل وضع السلام في أحد القولين إلّا على معنى السلامة والتواد؟ كأنه يقول له : سلمت منّى ، فأسلم منك.
الآية الثامنة ـ قوله تعالى (٤) : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في تفسير قوله : (لَمْ يُسْرِفُوا).
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ لم ينفقوا في معصية ، قاله ابن عباس.
الثاني ـ لم ينفقوا كثيرا ، قاله إبراهيم.
__________________
(١) من القرطبي.
(٢) في ا : أمرونا.
(٣) صفحة ١٠٤٨ من الكتاب.
(٤) آية ٦٧