المسألة الثالثة ـ هذه الآية دليل على وجوب إجابة الدعوى إلى الحاكم ، لأنّ الله سبحانه ذمّ من دعى إلى رسول الله ليحكم بينه وبين خصمه ـ فلم يجب ـ بأقبح المذمة ، وقد بيّنا في أصول الفقه أنّ حدّ الواجب ما ذمّ تاركه شرعا ، والله أعلم.
وقد روى أبو الأشعث ، عن الحسن أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دعى إلى حاكم من المسلمين فلم يجب فهو ظالم ، ولا حقّ له. وهو حديث باطل ، فأما قوله : فهو ظالم فكلام صحيح. وأما قوله : لا حقّ له فلا يصحّ. ويحتمل أن يريد به أنه على غير الحق.
الآية الثانية والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) ، يعنى غاية أيمانهم ، وقد تقدم بيانه.
المسألة الثانية ـ نزلت في قوم كانوا يتخلّفون عن الجهاد ثم يعتذرون ، فإذا عوتبوا قالوا : لو أمرتنا يا رسول الله لخرجنا ، ويحلفون على ذلك ، فقال الله لهم : (لا تُقْسِمُوا) ، ثم قال : وهي :
المسألة الثالثة ـ طاعة معروفة ، وفيها ثلاث تأويلات :
الأول ـ طاعة معروفة أمثل.
الثاني ـ طاعة معروفة بينكم فيها الكذب ، أى هي طاعة الله معروفة قولا ، باطلة قطعا ، لا يفعلونها إلا إذا أمرتهم ولو لم يؤمروا (٢) ما فعلوا.
الثالث ـ قال مجاهد : معنى قوله : طاعة معروفة. أنكم تكذبون ، يعنى ليست لكم طاعة. وقد قرئت «طاعة» بالنصب على المصدر ، ويكون قوله طاعة منصوبة ابتداء كلام ، ويرجع المعنى فيه إلى قول مجاهد ، إلا أن الإعراب يختلف ، والمعنى واحد.
__________________
(١) آية ٥٣.
(٢) في ا : إذ لا يفعلونها إلا أمرتهم ولو لم يؤمروا.