ولذلك قرأها الحسن من عبيدكم ، ليبيّن الإشكال ويرفع اللبس.
الثاني ـ أن هذا اللفظ لو قدّرناه كما زعموا لكان عامّا ، وكنا نحكم بعمومه فيمن كان حرّا أو عبدا ، كما حكمنا بعمومه فيمن كانت أمة لله أو لأحد من خلقه بتمليكه إياها له.
المسألة الخامسة ـ قوله : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
وهذا فيه قولان :
أحدهما ـ يغنيهم الله من فضله بالنكاح ، كقوله (١) : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) ـ يعنى النكاح من غيره.
الثاني ـ يغنيهم بالمال ، وهو اختيار جماعة من السلف ، فروى عن ابن عمر أنه قال: عجبت لمن لا يرغب في الباءة ، والله يقول : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
ومن حديث أبى هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (٢) : ثلاثة كلّهم ، حقّ على الله عونه : المجاهد في سبيل الله (٣) ، والناكح يريد العفاف (٤) ، والمكاتب يريد الأداء.
فإن قلنا : قد نجد الناكح لا يستغنى.
قلنا : عنه ثلاثة أجوبة.
الأول ـ أنه يغنيه بإيتاء المال ، وقد يوجد ذلك.
الثاني ـ يغنيه عن الباءة بالعفّة.
الثالث ـ يغنيه بغنى النفس ، ولا يلزم أن يكون هذا كله على الدوام ، بل لو كان في لحظة واحدة لصدق الوعد.
وقد رأيت بعض علمائنا يقول : إنّ هذا على الخصوص كما قدمناه في الجواب الأول. وفي بعض الآثار : الناكح معان ، والمكاتب معان ، وباغي الرجعة معان.
المسألة السادسة ـ فإن قيل : هذه الآية وإن وردت بلفظ واحد فإنها قد تناولت مختلفات الأحكام ، منها واجب ، ومنها غير واجب ، ومنها في البالغ ، ومنها في الصغير ، ومنها في الثيب ، ومنها في البكر.
__________________
(١) سورة النساء ، آية ١٢٩.
(٢) ابن ماجة : صفحة ٨٤١.
(٣) في ابن ماجة : الغازي في سبيل الله.
(٤) في ابن ماجة : يريد التعفف.