الآية التاسعة ـ قوله تعالى (١) : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ. أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ فيها قولان :
أحدهما ـ الذين يطيعون وهم خائفون ألا يقبل منهم.
الثاني ـ الذين يعصون ، وهم يخافون أن يعذّبوا.
المسألة الثانية ـ روى الترمذي وغيره عن عائشة ، قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) ، قالت عائشة : أهم الذين يشربون الخمر ، ويسرقون. قال : لا ، يا بنت الصديق أو يا بنت أبى بكر ، ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون ، وهم يخافون ألّا يقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات.
وقد روى عطاء قال : دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة ، فقال لها : كيف كانوا يقرءون ، (يُؤْتُونَ ما آتَوْا)؟ قالت : يأتون ما أتوا ، فلما خرجنا من عندها قال لي عبيد ابن عمير : لأن يكون كما قالت أحبّ إلى من حمر النّعم ، يعنى بقولها : يأتون ما أتوا من المجيء ، أى يأتون الذنوب وهم خائفون.
المسألة الثالثة ـ عوّلوا على قراءة الجمهور ، ولا تتعلقوا بأعضاء الكسير ، إنما كان القوم إذا غلب على أعمالهم الإخلاص والقرب خافوا يوم الفزع الأكبر ، وهي مسألة كبيرة ، وهي أن الأفضل للمتقين أن يغلب عليهم مقام الرجاء ، أو يغلب عليهم مقام الخوف ، فهذه الآية تشهد بفضل غلبة مقام الخوف ، لقوله تعالى (٢) : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ. أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ).
__________________
(١) آية ٦٠ ، ٦١.
(٢) آية ٥٧ ـ ٦١. (١٨) ـ أحكام ـ ٣)