الآية الخامسة عشرة ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
حملها ـ كما تقدم بياننا له ـ قوم على أنها سجدة تلاوة ، فسجدوها.
وقال آخرون : هو سجود الصلاة ، فقصروه عليه.
ورأى عمر أنها سجدة تلاوة. وإنى لأسجد بها وأراها كذلك ، لما روى ابن وهب وغيره ، عن مالك ، عن نافع أنّ رجلا من الأنصار أخبره أنّ عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج ، فسجد فيها السجدتين ، ثم قال : إن هذه السورة فضّلت بسجدتين.
قال مالك : وحدثني عبد الله بن دينار ، قال : رأيت ابن عمر يسجد في سورة الحج سجدتين. وكان ابن عمر أكثر الخلق بالنبي صلى الله عليه وسلم قدوة.
وروى عقبة بن عامر قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أفي سورة الحج سجدتان؟ قال : نعم. ومن لم يسجدهما لا يقرأهما ، رواه وهب بن لهيعة ، عن مسرح بن هاعان ، عنه.
الآية السادسة عشرة ـ قوله تعالى (٢) : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ الحرج هو الضّيق ، ومنه الحرجة ، وهي الشجرات الملتفّة لا تسلك ، لالتفاف شجراتها ، وكذلك وقع التفسير فيه من الصحابة رضى الله عنهم.
روى أنّ عبيد بن عمير جاء في ناس من قومه إلى ابن عباس ، فسأله عن الحرج ، فقال : أو لستم العرب؟ فسألوه ثلاثا. كلّ ذلك يقول : أو لستم العرب! ثم قال : ادع لي رجلا من هذيل ، فقال له : ما الحرج فيكم؟ قال : الحرجة من الشجر : ما ليس له مخرج.
__________________
(١) آية ٧٧.
(٢) آية ٧٨.