معرفة أحاديث النبيّ صلى الله عليه وسلم من المكر ، ولم يتكلم برأيه وحده ، ولا أعجب بطرق من النظر حصّلها (١) ، ولم يتمرّس فيها بكتاب الله عز وجلّ ولا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فافهم هذا ، والله يوفقكم وإيانا بتوفيقه لتوفية عهود الشريعة حقّها.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) :
اختلف فيها على ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنه كلّ الأنعام ؛ قاله السّدّى ، والربيع ، والضحاك.
الثاني ـ أنه الإبل ، والبقر ، والغنم ؛ قاله ابن عباس ، والحسن.
الثالث ـ أنه الظباء ، والبقر ، والحمر الوحشيان.
المسألة الثالثة عشرة ـ في المختار :
أما من قال : [إن النّعم] (٢) هي الإبل والبقر والغنم فقد علمت صحة ذلك دليلا ، وهو أنّ النّعم عند بعض أهل اللغة اسم خاصّ للإبل يذكّر ويؤنّث ؛ قاله ابن دريد وغيره ، وقد قال الله تعالى (٣) : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ). وقال تعالى (٤) : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً ، كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ، إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ). وقال (٥) : (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ).
فهذا مرتبط بقوله : ومن الأنعام حمولة وفرشا ، أى خلق جنات وخلق من الأنعام حمولة وفرشا ، يعنى كبارا وصغارا ، ثم فسّرها فقال : ثمانية أزواج ... إلى قوله (٦) : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا).
وقال تعالى (٧) : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ
__________________
(١) العبارة مضطربة في ا ، وقد وردت هكذا : ولا أعجب كاف من النظر حظها. والمثبت من ل.
(٢) من ل.
(٣) سورة النحل ، آية ٥ وما بعدها.
(٤) سورة الأنعام ، آية ١٤٢ وما بعدها.
(٥) سورة الأنعام ، آية ١٤٤.
(٦) سورة النحل ، آية ٨٠.