المسألة الأولى ـ في تفسير الصادقين :
وفيه ثمانية أقوال :
الأول ـ إنهم الذين استوت ظواهرهم وبواطنهم.
الثاني ـ أنهم الذين قال الله فيهم (١) : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ...) إلى قوله تعالى : (الْمُتَّقُونَ).
الثالث ـ أنهم المهاجرون ؛ وقد روى ـ كما قدمنا ـ أنّ أبا بكر قال للأنصار يوم سقيفة بنى ساعدة : إنّ الله سمّانا الصادقين ؛ فقال (٢) : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ ...) إلى قوله تعالى : (هُمُ الصَّادِقُونَ). ثم سماكم المفلحين ، فقال (٣) : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ ...) الآية. وقد أمركم الله أن تكونوا معنا حيث كنا ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
الرابع ـ إنّ الصادقين هم المسلمون ، والمخاطبون هم المؤمنون من أهل الكتاب.
الخامس ـ الصادقون هم الموفون بما عاهدوا ، وذلك بقوله تعالى (٤) : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ).
السادس ـ هم النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ يعنى أبا بكر ، وعمر ؛ أو السابقون الأولون ، وهو السابع.
الثامن ـ هم الثلاثة الذين خلّفوا.
المسألة الثانية ـ في تحقيق هذه الأقوال :
أما الأول فهو الحقيقة والغاية التي إليها المنتهى في هذه الصفة ، وبها يرتفع النفاق في العقيدة ، والمخالفة في الفعل ، وصاحبها يقال له صدّيق ، وهي في أبى بكر وعمر ، ومن دونهما على منازلهم وأزمانهم.
وأما من قال بالثاني فهو معظم الصدق ، ومن أتى المعظم فيوشك أن يتبعه الأقلّ ، وهو معنى الخامس لأنه بعضه ، وقد دخل فيه ذكره.
__________________
(١) سورة البقرة ، آية ١٧٧.
(٢) سورة الحشر ، آية ٨.
(٣) سورة الحشر ، آية ٩.
(٤) سورة الأحزاب ، آية ٢٣