فأما صدقة التطوع فقد قال النبىّ صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة ابن مسعود : زوجك وولدك أحقّ من تصدقت عليهم به. يعنى بحليّها الذي أرادت أن تتصدق به.
وفي حديث بئر حاء (١) : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبى طلحة : أرى أن تجعلها في الأقربين ، فجعلها أبو طلحة في أقاربه ، وبنى عمّه.
وهذا كله صحيح ثابت في كلّ أم وبنت من الحديث.
وأما صدقة الفرض فإن أعطى الإمام صدقة الرجل لولده ووالده وزوجه الذين تلزمه (٢) نفقة جميعهم فإنه يجزئه. وأما إن تناول هو ذلك بنفسه فلا يجوز أن يعطيها بحال لمن تلزمه نفقته ؛ لأنه يسقط [في ذلك] (٣) بها عن نفسه فرضا.
وأما إن أعطاها لمن لا تلزم له نفقتهم فقد اختلف العلماء في ذلك ؛ فمنهم من جوّزه ، ومنهم من كرهه.
قال مالك : خوف المحمدة. وقال مطرّف : رأيت مالكا يدفع زكاته لأقاربه. وقال الواقديّ ـ وهو إمام عظيم : قال مالك : أفضل من وضعت فيه زكاتك قرابتك الذين لا تعول.
وقد قال النبىّ صلى الله عليه وسلم لزوجة عبد الله بن مسعود : لك أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة.
واختلف علماؤنا في إعطاء الزكاة للزوجين ، فقال القاضي أبو الحسن : إن ذلك من منع مالك محمول على الكراهية. وذكر عن ابن حبيب إن كان يستعين في النفقة عليها بما يعطيه فلا يجوز ، وإن كان معه ما ينفق عليها ويصرف ما يأخذ منها من نفقته وكسوته على نفسه فذلك جائز.
وقال أبو حنيفة : لا يجوز بحال.
والصحيح جوازه لحديث زينب امرأة ابن مسعود المتقدم ذكره.
فإن قيل : ذلك في صدقة التطوّع.
__________________
(١) بئرحاء ـ بالحاء المهملة ، ويقال بيرحاء ـ بفتح الباء بغير همزة. وبئرحاء. بالمد ، وبيرحا ـ بفتح الباء والراء والقصر ، وبريحا ـ بفتح الباء وكسر الراء وياء ساكنة وحاء وألف مقصورة : أرض كانت لأبى طلحة بالمدينة قرب المسجد (ياقوت).
(٢) في ا : الذين يلزم نفقته.
(٣) من ل.