المسألة الخامسة ـ أما الفقير ففيه ثمانية أقوال :
الأول ـ أنّ الفقير : المحتاج المتعفّف والمسكين : الفقير السائل. وبه قال مالك في كتاب ابن سحنون ـ وهي :
المسألة السادسة ـ قاله ابن عباس والزهري ، واختاره ابن شعبان.
الثاني ـ الفقير هو المحتاج الزّمن (١). والمسكين هو المحتاج الصحيح ؛ قاله قتادة.
الثالث ـ أنّ الفقير المحتاج ، والمسكين سائر الناس ؛ قاله إبراهيم وغيره.
الرابع ـ الفقير المسلم ، والمسكين أهل الكتاب.
الخامس ـ الفقير الذي لا شيء له ، والمسكين الذي له شيء ؛ قاله الشافعى.
السادس ـ عكسه ؛ قاله أبو حنيفة ، والقاضي عبد الوهاب.
السابع ـ أنه واحد ، ذكره للتأكيد.
الثامن ـ الفقراء المهاجرون ، والمساكين الأعراب.
المسألة السابعة ـ قوله : (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) ، وهم الذين يقدمون لتحصيلها ، ويوكّلون على جمعها ؛ وهذا يدلّ على مسألة بديعة ، وهي أن ما كان من فروض الكفايات فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه. ومن ذلك الإمامة ؛ فإن الصلاة وإن كانت متوجهة على جميع الخلق فإنّ تقدّم بعضهم بهم من فروض الكفاية ، فلا جرم يجوز أخذ الأجرة عليها.
وهذا أصل الباب ، وإليه أشار النبىّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عاملي فهو صدقة.
قال بعض العلماء : العامل في الصدقة يستحقّ منها كفايته بالمعروف بسبب العمل ، وإن لم يكن بدلا عن العمل ، حتى لم يحلّ للهاشمى ، والأجرة تحلّ له.
قلنا : بل هي أجرة صحيحة ؛ وإنما لم يدخل فيها الهاشمي تحرّيا للكرامة وتباعدا عن الذّريعة ، وذلك مبيّن في شرح الحديث.
والدليل على أنها أجرة أن الله سبحانه أملكها له ، وإن كان غنيّا ، وليس له وصف يأخذ به منها سوى الخدمة في جمعها.
__________________
(١) الزمن : زمن الشخص زمانة وزمنا فهو زمن : مرض مرضا يدوم زمانا طويلا. والقوم زمنى (المصباح).