الابتلاء الجهتين جميعا ؛ فيختلف الحال فيه على الواحد. والنفس كثيرا ما تسكن إلى ذلك أو يختلف فيه الحال على الجماعة والأمة لذلك المعنى أيضا.
المسألة الرابعة ـ قوله : (فِي كِتابِ اللهِ) :
يريد قوله صلى الله عليه وسلم : أول ما خلق الله القلم. فقال له : اكتب. فكتب ما يكون إلى أن تقوم الساعة ؛ فعلم الله ما يكون في الأزل ، ثم كتبه ، ثم خلقه كما علم وكتب ؛ فانتظم العلم والكتاب والخلق.
المسألة الخامسة ـ قوله : (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) متعلق بالمصدر ، وهو قوله : (كِتابِ اللهِ) ، كما أن حرف الجر من قوله : في كتاب الله ، وهو : في ، لا يتعلق بقوله عدّة ؛ لأنّ الخبر قد حال بينهما ، ولكنه يتعلّق بمحذوف صفة للخبر ، كأنه قال معدودة أو مؤدّاة (١) أو مكتوبة في كتاب الله ، كقولك : زيد في الدار ، وذلك مبيّن في ملجئة المتفقهين.
المسألة السادسة ـ قوله : (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) :
وهي : رجب الفرد ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم.
ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم : ثلاث متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ؛ ورجب. وفي رواية : ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان.
وقوله : «حرم» جمع حرام ، كأنه يوجد احترامها بما منع فيها من القتال ، وأوقع في قلوب الناس لها من التعظيم.
ومعنى قوله : رجب مضر ـ فيما قاله القاضي أبو إسحاق ـ أنّ بعض أحياء العرب ، وأحسبه من ربيعة ، كانوا يحرّمون شهر رمضان ويسمّونه رجب ، فأراد النبىّ صلى الله عليه وسلم تخصيصه بالبيان باقتصار مضر على تحريمه.
وقد روى في الحديث : ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. وذلك كلّه بيان لتحقيق الحال ، وتنبيه على رفع ما كان وقع فيها من الاختلال.
__________________
(١) في م : مذكورة.