ضرب مثلا للشجاع الذي يتمثّل كهيئة المال ، فيلقى صاحبه غضبان. وقال ابن دريد : هما نقطتان سوداوان فوق عينيه. وقيل : هو الشجاع الذي كثر سمّه حتى ظهر على شدقيه منه كهيئة الزبيبتين.
وكتب أهل الحديث شجاع بغير ألف بعد العين. وذكر بعض العلماء أنّ أهل الكوفة كتبوه بغير ألف ، وقرءوه منصوبا لئلا يشكل بالمدود ، وكذلك نظراؤه.
واللهزمة : الشدقان. وفي رواية : يأخذ بلهزمتية. وقيل : هما (١) في أصل الحنك.
وفي حديث آخر : إنه يمثل له ماله شجاعا يتبعه فيضطره فيعطيه يده فيقضمها كما يقضم الفحل. فأما حبسه ليده فلأنه شحّ بالمال وقبض بها عليه ، وأما أخذه بفمه فلأنه أكله ، وأما خروجه من حلمة ثديه إلى نغض كتفه فلتعذيب قلبه وباطنه حين امتلأ بالفرح بالكثرة في المال والسرور في الدنيا ؛ فعوقب في الآخرة بالهمّ والعذاب.
المسألة العاشرة ـ فإن قيل : فمن لم يكنز ولم ينفق في سبيل الله أليس يكون هذا حكمه؟ فما فائدة ذكر الكنز؟
قلنا : إذا لم ينفق في سبيل الله ولم يكنز ، ولكنه بذّر ماله في السرف والمعاصي فهذا يعلم أنّ حاله يكون مثل هذا أو أكثر منه من طريق الأولى.
فإن قيل ـ وهي :
المسألة الحادية عشرة ـ يحتمل أن تكون هذه الآية نزلت في وقت الحاجة ، وفقر الصحابة ، وفراغ خزانة بيت المال.
قلنا : هذا باطل ؛ فإنّ الزكاة قد كانت شرعت ، وقد كان بعض الصحابة أغنياء ، وبعضهم فقراء ، وقد كان الفقير منهم يربط بطنه بالحجارة من الجوع ، وبيوت الصحابة الأغنياء مملوءة من الرزق ؛ يشبع أولئك ، ويجوع هؤلاء ، فيندبهم (٢) النبىّ صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة ، ويرغّبهم في المواساة ، ولا يوجب عليهم الخروج عن جميع أموالهم.
الآية السابعة عشرة ـ قوله تعالى (٣) : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).
__________________
(١) في ل : هي.
(٢) في ل : فندبهم ... ورغبهم.
(٣) الآية الخامسة والثلاثون.