وتعلقوا بذيل (١) نبىّ جعلت لهم حرمة على أهل الأنصاب.
وقد قال مالك : تؤكل ذبائحهم المطلقة إلا ما ذبحوا يوم عيدهم أو (٢) لأنصابهم.
وقال جماعة العلماء : تؤكل ذبائحهم وإن ذكروا عليها اسم غير المسيح ، وهي مسألة حسنة نذكر لكم منها قولا بديعا :
وذلك أن الله سبحانه حرّم ما لم يسمّ الله عليه من الذبائح ، وأذن في طعام أهل الكتاب وهم يقولون : [إن] (٣) الله هو المسيح ابن مريم ، وإنه ثالث ثلاثة. تعالى الله عن قولهم علوّا كبيرا. فإن لم يذكروا اسم الله سبحانه أكل طعامهم ، وإن ذكروا فقد علم ربّك ما (٤) ذكروا ، وأنه غير الإله ، وقد سمح فيه فلا ينبغي أن يخالف أمر الله ، ولا يقبل عليه ، ولا تضرب الأمثال له.
وقد قلت لشيخنا أبي الفتح المقدسي : إنهم يذكرون غير الله. فقال لي : هم من آبائهم ، وقد جعلهم الله تبعا لمن كان قبلهم مع علمه (٥) بحالهم.
وبهذا استدل بعض الشافعية على أن التسمية على الذبيحة ليست بشرط ، قال : لو سمّى النصرانىّ الإله حقيقة لم تكن تسميتهم على شرط العبادة ، لأنهم لا يعرفون المعبود ، فليست تسميتهم على طريق العبادة ، واشتراطهم التسمية على غير وجه العبادة لا يعقل.
قلنا : تعقل صورة التسمية ، ولها حرمة ، وإن لم يعلم المسمى من يسمى. ولو شرطنا العلم بحقيقة الإيمان ما جاز أكل كثير من ذبح من يسمّى من المسلمين ، وإنما حرّم الشرع ذبحا يذكر عليه غير الله تصريحا. فأما من يقصد الله (٦) فيصيب قصده فهو الذي لا كلام فيه. وأما الذي يسميه فيخطئ قصده فذلك الذي رخّص فيه ، فإذا قال «الله» وهو يقصد المسيح ، أو المسيح وهو يقصد الله فيرجع أمره إلى الله سبحانه ، ولكنه ضلّ عن الطريق وسمح لك فيه الإله الذي ضلّ (٧) أهل الكتاب عنه ، وخفّف حالهم بهذه الشعبة الخفيّة من القصد إليه ، فلا يعترض عليه.
__________________
(١) في ل : بدليل.
(٢) في ل : ولأنصابهم.
(٣) من ل.
(٤) في ل : من ذكروا.
(٥) في ا : مع علمهم.
(٦) في ا : فأما ما يقصد إليه. والمثبت من ل.
(٧) في ا : أصل.