المسألة الرابعة عشرة ـ قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (١) :
عام بمطلقه في كل ما أمسك الكلب عليه ، إلا أنه خاص بالدليل في كل ما أحله الله من جنس كالظباء والبقر والحمر ، أو من جزء (٢) كاللحم والجلد دون الدم. وهذا عموم دخله التخصيص بدليل سابق له.
المسألة الخامسة عشرة ـ قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) :
هل يتضمن ما إذا غاب عنك الصيد أم لا؟ فقال مالك : إذا غاب عنك فليس يمسك عليك ، وإذا بات فلا تأكله في أشهر القولين.
وقال الشافعى : يؤكل. وتعلّق علماؤنا بقول النبي صلّى الله عليه وسلم : كل ما أصميت ودع ما أنميت. فالإصماء في اللغة : الإسراع ؛ أى كل ما قتل مسرعا ، وأنت تراه ، ودع ما أنميت (٣) : أى ما مضى من الصيد وسهمك فيه ؛ قال امرؤ القيس (٤) :
فهو لا تنمى رميّته |
|
ما له لاعدّ من نفره |
والصحيح أكله وإن غاب مالا تجده غريقا في الماء أو عليه أثر غير أثر سهمك.
والأصل في ذلك حديث عدى بن حاتم (٥) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: كله ما لم تجده غريقا في الماء ، فإنك لا تدرى أسهمك قتله أم لا ، كما أخرجه مسلم والبخاري وغيرهما. وفي حديث أبى ثعلبة الخشني (٦) : إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكله بعد ثلاث ما لم ينتن. رواه البخاري ومسلم وغيرهما. زاد النسائي : ولم يأكل سنه سبع فكله.
الآية الخامسة ـ قوله تعالى (٧) : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ، وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ ، وَالْمُحْصَناتُ
__________________
(١) أمسكن عليكم : حبسن عليكم.
(٢) في ا : حر ، وهو تحريف.
(٣) في القرطبي : الإنماء : أن ترمى الصيد فيغيب عنك فيموت وأنت لا تراه.
(٤) اللسان ـ مادة نمى ، وديوانه ٢٥ ، والقرطبي : ٦ ـ ٧١. لا تنمى رميته : لا ينهض بالسهم وتغيب عنه ، بل تسقط مكانها لإصابته مقتلها.
(٥) مسلم : ١٥٣١ ، وقد تقدم.
(٦) مسلم : ١٥٣٢.
(٧) الآية الخامسة من السورة.