المسألة الثالثة ـ وهذا حكم من الله تعالى نافذ في الدنيا والآخرة ؛ وهو ألّا يؤخذ أحد بجرم أحد ، بيد (١) أنه يتعلّق ببعض الناس من بعض أحكام في مصالح الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والتعاون على البرّ والتقوى ، وحماية النفس والأهل عن العذاب ، كما قال تعالى (٢) : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً). والأصل في ذلك كلّه أنّ المرء كما يفترض عليه أن يصلح نفسه باكتساب الخير فواجب عليه أن يصلح غيره بالأمر به والدعاء إليه والحمل عليه ، وهذه فائدة الصحبة ، وثمرة المعاشرة ، وبركة المخالطة ، وحسن المجاورة ؛ فإن [حسن في ذلك كله كان معا في في الدنيا والآخرة ، وإن] (٣) قصر في ذلك كلّه كان معاقبا في الدنيا والآخرة ، فعليه أولا إصلاح أهله وولده ، ثم إصلاح خليطه وجاره ، ثم سائر الناس بعده ، بما بينّاه من أمرهم ودعائهم وحملهم ؛ فإن فعلوا ، وإلا استعان بالخليفة لله في الأرض عليهم ، فهو يحملهم على ذلك قسرا ، ومتى أغفل الخلق هذا فسدت المصالح ، وتشتّت الأمر ، واتسع الخرق ، وفات الترقيع ، وانتشر التدمير ؛ ولذلك يروون أنّ عمر بن الخطاب كفّل (٤) المتهمين عشائرهم ، وذلك بالتزامهم كفّهم أو رفعهم إليه حتى ينظر فيهم ، والله يتولى التوفيق برحمته.
__________________
(١) بيد : غير.
(٢) سورة التحريم ، آية ٦.
(٣) من ل.
(٤) بتشديد الفاء ، وتخفف أيضا ، كما في المختار.