الممتثل المخالف ، فبينما كان متصرفا جعلته مصرّفا ، انصرف عن المقام فلست فيه بإمام ؛ فإن الإمام هاهنا وراء ، والوراء أمام ، وقد اندرجت :
المسألة السادسة ـ في هذا الكلام.
المسألة السابعة ـ روى مجاهد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كره من الشاء سبعا : الدم ، والمرار (١) ، والحياء ، والغدّة ، والذكر ، والأنثيين. وهذه زيادات على هذه المحرمات.
قلنا : عنه جوابان :
الأول ـ أن الكراهية غير التحريم ، وهو بالنسبة إليه كالنّدب بالنسبة إلى الوجوب.
الثاني ـ أن هذه الكراهية إنما هي (٢) عيافة نفس ، وتقزّز جبلّة ، وتقذر نوع من أنواع المحلّل.
فإن قيل : فقد قال الدم.
قلنا : عنه جوابان :
أحدهما ـ أن هذا استدلال بالقرائن ، فكم من مكروه قرن بمحرم ، كقوله : نهى النبىّ صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر (٣). وكم من غير واجب قرن بواجب ، كقوله(٤): (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ). وقوله (٥) : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).
الثاني ـ أنه أراد الدم المخالط للّحم الذي عفى عنه للخلق وأما المرار المذكور في الحديث فهو من قول بعضهم الأمرّ ، وهو المصارين (٦) ، ولا أراه أراد إلا المرار بعينه ، ونبّه بذكره على علّة كراهة غيره بأنه محلّ المستخنث ؛ فكره لأجله. والله أعلم.
الآية الرابعة عشرة ـ قوله تعالى (٧) : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ).
__________________
(١) المرار : جمع المرارة ، وهي التي في جوف الشاة وغيرها يكون فيها ماء أخضر مر. وقال القتيبي : أراد المحدث أن يقول الأمر وهو المصارين فقال المرار ، وليس بشيء (النهاية).
(٢) عاف الشيء : كرهه.
(٣) المفتر : الذي إذا شرب أحمى الجسد وصار فيه فتور ، وهو ضعف وانكار (النهاية).
(٤) سورة الأنعام : ١٤١.
(٥) سورة البقرة : ١٩٦
(٦) الآية ١٤٦