فإن قيل : فهل يجوز طلب ذلك في المصحف ؛ قلنا : لا يجوز فإنه لم يكن (١) المصحف ليعلم به الغيب ؛ إنما بينت آياته ، ورسمت كلماته ليمنع عن الغيب ؛ فلا تشتغلوا به ، ولا يتعرض أحدكم له.
المسألة التاسعة عشرة ـ فإن قيل : فالفأل والزّجر كيف حالهما عندك؟ قلنا : أما الفأل فمستحسن باتفاق. وأما الزّجر فمختلف فيه ؛ والفرق بينهما أنّ الفأل فيما يحسن ، والزجر فيما يكره. وإنما نهى الشارع عن الزجر لئلا تمرض به النفس ويدخل على القلب منه الهمّ ، وإلا فقد ورد ذلك [في الشرع] (٢) عن النبي صلّى الله عليه وسلم في الأسماء والأفعال. وقد بينا ذلك في شرح الحديث حيث ورد ذكره فيه.
المسألة الموفية عشرين ـ الأزلام : كانت قداحا لقوم وحجارة لآخرين ، وقراطيس لأناس ، يكون أحدها غفلا ، وفي الثاني «افعل» أو ما في معناه ، وفي الثالث «لا تفعل» أو ما في معناه ، ثم يخلطها في جعبة أو تحته ثم يخرجها مخلوطة مجهولة (٣) ، فإن خرج الغفل أعاد الضّرب حتى يخرج له «افعل» أو «لا تفعل» ؛ وذلك بحضرة أصنامهم ؛ فيمتثلون ما يخرج لهم ، ويعتقدون أن ذلك هداية من الصنم لمطلبهم.
وكذا روى ابن القاسم عن مالك كما سردناه لكم.
المسألة الحادية والعشرون ـ قوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) ، وقدم تقدّم (٤) ذكره في سورة البقرة.
الآية الرابعة ـ قوله تعالى (٥) : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ ؛ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ، فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ).
فيها خمس عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ قوله تعالى : (الطَّيِّباتُ) :
روى أبو رافع قال : جاء جبريل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم يستأذن عليه فأذن له وقال :
__________________
(١) في ا : يتبين.
(٢) من ل.
(٣) في ا : أو مجهولة.
(٤) صفحة ٥١ من هذا الكتاب.
(٥) الآية الرابعة من السورة.