روى ابن وهب ،
وابن القاسم ، وابن عبد الحكم ، والوليد بن مسلم ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن
أبيه : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ
مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ـ قال : بالعلم قال ابن وهب ، عن مالك : ليس العلم بكثرة
الرواية ، وإنما هو نور يضعه الله في قلب من يشاء.
وقال ابن مسعود :
ليس العلم بكثرة الرواية ؛ وإنما هو خشية الله تعالى.
وروى المنصور ، عن
أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : همة السفهاء الرواية ، وهمّة العلماء
الدّراية.
وقال مالك ، لابني
أخته أبى بكر وإسماعيل : إن أحببتما أن ينفعكما الله بهذا الشأن فأقلّا منه ،
وتفقّها فيه.
وروى ابن القاسم ،
عن مالك : نرفع درجات من نشاء في الدنيا.
قال القاضي : وصدق ؛ علم الدنيا عنوان الآخرة وسبيلها.
والذي أوتيه
إبراهيم من العلم بالحجّة ، وهي التي تذكر للخصم على طريق المقابلة كان في الدنيا
بظهور دلالة التوحيد وبيان عصمة إبراهيم عن الجهل بالله تعالى ، والشكّ فيه ،
والإخبار ـ أنّ ما جرى بينه وبين قومه إنما كان احتجاجا ، ولم يكن اعتقادا ، وقد
مهدنا ذلك في المشكلين.
الآية الرابعة ـ قوله
تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ
هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ
هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ).
قال القاضي أبو
بكر بن العربي : هذه الآية أصولية ؛ فإنها تفيد مسألة من الأصول ، وهي
أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم وأمّته هل تعبّدوا بشريعة من قبلهم أم لا؟ وقد
حققناها في الأصول ، فلتنظر هناك.
وفيها من الأحكام
العمل بما ظهر من أفعالهم ، وأخبرنا عنهم النبىّ صلى الله عليه وسلم ، وثبت في
الصحيح عن النبىّ ، واللفظ للبخاري ، عن العوام ، قال : سألت مجاهدا عن سجدة
__________________