المسألة السادسة والثلاثون ـ في معنى الأوليان :
فيه ثلاثة أقوال : الأول ـ قال ابن عباس : الأولى بالشهادة.
الثاني ـ قال ابن جبير : الأولى بالميت من الورثة.
الثالث ـ الأولى بتحليف غيره ؛ قاله ابن فورك ؛ وهو يرجع إلى الثاني ، وهو أصح من الأول.
المسألة السابعة والثلاثون ـ قوله : (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا) :
المعنى : لقولنا أحقّ من قولهما.
وهذا القول كما قدمناه محمول على المعنى ، وأنّ يمين الحالف لا تكون إلا بلفظ الدعوى. والحكمة في ذلك أنّ اليمين إذا كانت بإنّ قولي أصدق من قولك ربما ورد في يمينه ، بأن يكون مدّعيه قد كذب من كل وجه ، وكذب هو من وجه واحد ، فيلزم (١) التصريح حتى يتحقق الكذب ، وتحصل المهاجرة إن خالف ، ليأتى بالصدق على وجهه ؛ فإذا صرّح بالقول في اليمين لم ينفعه ما نوى إذا أضمر من معنى اليمين خلاف الظاهر منها ، لقول النبىّ صلى الله عليه وسلم (٢) : يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك. وهو حديث صحيح ، ومعنى قويم متفق عليه قررناه في مسائل الفقه (٣).
المسألة الثامنة والثلاثون ـ في بقاء معنى هذه الآية أو ارتفاعه :
قال ابن عباس : حكمها منسوخ. وقال الحسن : حكمها ثابت ، فمن قال : إنها منسوخة قال : إنّ اليمين الآن لا تجب على الشاهد ؛ لأنه إن ارتيب به لم تجز شهادته ، وإن لم تكن هناك ريبة ولا في حاله خلّة لم يحتج إلى اليمين ، وعلى هذا عوّل جمهور العلماء ونخبتهم. وقد قرر (٤) الله تعالى ذلك وحقّقه بأمره في قوله تعالى (٥) : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ). و (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) (٦). فوقعت الشهادة على العدالة ، واقتضيت اليمين منها إن كانت فيها.
__________________
(١) في ل : فلا يلزم.
(٢) صحيح مسلم : ١٢٧٤.
(٣) في ل : الخلاف.
(٤) في ل : قدر.
(٥) سورة الطلاق ، آية ٢.
(٦) سورة البقرة ، آية ٢٨٢