وكنت جاهلا به ، ثم حضر لديك واطّلعت عليه ، ومنه قوله تعالى (١) : (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) لأنهم كانوا يطلبونهم ، وقد خفى عليهم موضعهم. التقدير : إذا نفذ الحكم عليهم في الظاهر باليمين ، ثم ظهر وتبيّن بعد ذلك كذبهم.
المسألة الحادية والثلاثون ـ قوله : (أَنَّهُمَا) :
قيل : هما الشاهدان ؛ قاله ابن عباس. وقيل : هما الوصيّان ؛ قاله ابن جبير. وهو مبنيّ على ما تقدم ، ويتركب عليه ، ويختلف التقدير بحسب اختلافه كما تقدّم.
المسألة الثانية والثلاثون ـ قوله : (إِثْماً) :
يحتمل أن يريد به عقوبة ، ويحتمل أن يريد به غرما ، وظاهر الإثم العقوبة ، لكن صرف عن هذا الظاهر قوله : استحقّا ، والعقوبة لا تستحقّ بالمعاصي ، ولا يستحقّ على الله شيء حسبما تقرّر في الأصول ، فيكون معناه استوجبا غرما بطريقة.
ويدلّ على صحة هذا الاحتمال قوله تعالى (٢) : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) ؛ فإنما يستحقّ على هؤلاء ما كانا استحقّاه ، ويدلّ عليه أيضا أنّ القوم ادّعوا أنه كان للميت دعوى من انتقال ملك (٣) عنه إليهما ببعض ما تزول به الأملاك مما يكون فيه اليمين على ورثة الميت دون المدعى ، وتكون البينة فيه على المدّعى.
المسألة الثالثة والثلاثون ـ قوله تعالى : (فَآخَرانِ) :
إنما هو بحسب الاتفاق أنّ الوارثين كانا اثنين ، ولو كان واحدا لأجزأه.
المسألة الرابعة والثلاثون ـ قوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) :
معناه ممن كان نفذ عليهم القضاء قبل ذلك بوصية أو دين أو غير ذلك مما كان الميت ذكره ، وهم الورثة.
ومن يعجب فعجب قول علمائنا : إنّ في قوله «عليهم» ثلاثة أقوال ، لا نطوّل بذكرها ، ولا نحفل بها ؛ لأنّ قوله : «استحقّ» مع قوله «على» متلائم فلا يحتاج إليها.
__________________
(١) سورة الكهف ، آية ٢١.
(٢) سورة المائدة ، آية ١٠٧.
(٣) في ل : ملكه.