قال قوم : معناه عن كل ما أنزل الله إليك ، والبعض يستعمل بمعنى الكل ، قال الشاعر(١) :
أو يغتبط بعض النفوس حمامها
ويروى : أو يرتبط. أراد كلّ النفوس ، وعليه حملوا قوله تعالى (٢) : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ).
والصحيح أنّ «بعض» على حالها (٣) في هذه الآية ، وأنّ المراد به الرّجم أو الحكم الذي كانوا أرادوه ولم يقصدوا أن يفتنوه عن الكل.
الآية السابعة عشرة ـ قوله تعالى (٤) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) : اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنها (٥) نزلت في عبادة ، وابن أبىّ ؛ وذلك أن عبادة تبرّأ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف قوم من اليهود كان له من حلفهم مثل ما لعبد الله بن أبىّ ، وتمسك ابن أبىّ بهم ، وقال : إنى رجل أخاف الدوائر.
الثاني ـ كان المنافقون يوازرون يهود قريظة ونصارى نجران ؛ لأنهم كانوا أهل ريف ، وكانوا يميرونهم (٦) ويقرضونهم ، فقالوا : كيف نقطع مودّة قوم إذا أصابتنا سنة (٧) فاحتجنا إليهم وسّعوا علينا المنازل وعرضوا (٨) علينا الثمار إلى أجل ، فنزلت ، وذلك قوله
__________________
(١) هو لبيد. وفي اللسان ـ بعض ، والديوان ١٣ / ٣ أو يتعلق. وصدره :
تراك أمكنة إذا لم أرضها ....
(٢) سورة الزخرف ، آية ٦٣.
(٣) في ل : على بابها.
وفي اللسان : وإنما أراد لبيد ببعض النفوس نفسه.
(٤) الآية الواحدة والخمسون.
(٥) أسباب النزول : ١١٣ ، والقرطبي : ٦ ـ ٢١٦
(٦) ماره : أعطاه الميرة. والميرة : الطعام (النهاية).
(٧) السنة : الجدب.
(٨) في ل : وعوضوا.