وقد سمر عنده ليلة ، فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت : قد نمت ، فقال : ما نمت ، ثم وقع عليها ، وصنع كعب بن مالك مثله. فغدا عمر رضى الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أعتذر إلى الله وإليك ؛ فإنّ نفسي زيّنت لي مواقعة أهلى ، فهل تجد لي من رخصة؟ فقال له : لم تكن بذلك حقيقا يا عمر! فلما بلغ بيته أرسل إليه فأنبأه بعذره (١) في آية من القرآن.
وقد روى أبو داود في أبواب الأذان قال : جاء عمر رضى الله عنه فأراد أهله ، فقالت [٤٩] : إنى قد نمت ، فظنّ أنها تعتلّ ، فأتاها ، فلما أصبح نزلت هذه الآية.
المسألة الثانية ـ في «الرّفث».
الرّفث يكون الإفحاش في المنطق ، ويكون حديث النساء ، ويكون مباشرتهنّ. والمراد به هاهنا المباشرة.
وقد روى عن ابن عباس أنه قال : المباشرة الجماع ، ولكنّ الله تعالى كريم يكنّى ، وهذا يعضد قول من قال : إنّ معنى قوله تعالى : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أنهم أهل الكتاب ؛ فإنهم كذلك يصومون ، ثم نسخ الله تعالى ذلك بهذه الآية.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ).
المعنى هنّ لكم (٢) بمنزلة الثوب ، ويفضى كلّ واحد منكم إلى صاحبه ، ويستتر به ويسكن إليه.
والفقه فيه أنّ كلّ واحد منكم لا يقدر على الاحتراز من صاحبه لمخالطته إياه اشرته له.
وقيل المعنى أن كلّ واحد منكم متعفّف بصاحبه مستتر به عما لا يحلّ له من التعرّي مع غيره.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ).
وهذا يدلّ على قوة رواية عمر وكعب رضى الله عنهما ؛ فإنه سبحانه أخبر أنه علم الخيانة ،
__________________
(١) في م : معذرة.
(٢) في م : المعنى ستر لكم بمنزلة الثوب.