المسألة السادسة ـ قال الشافعى : إذا تابع الطعن والضرب فسدت الصلاة ؛ لأنها لا تكون حينئذ صلاة ، وإنما تكون محاربة.
قلنا : يا حبذا الفرضان إذا اجتمعا ، وإذا كانت الحركة لعبا لم تنتظم مع الصلاة ، أما إذا كانت عبادة واجبة وتعيّنتا جميعا جمع بينهما فيصلى ويقاتل ؛ وعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم : ركبانا ، وعلى أقدامهم ، ومستقبلي القبلة وغير مستقبليها ـ يعطى جواز قليل ذلك وكثيره.
المسألة السابعة ـ قال المزني : لا يفتقر القصر والخوف إلى تجديد نية ، وهذه إحدى خطيئاته ؛ فله انفرادات يخرج فيها عن مقام المثبتين.
وهذا فاسد ، لأنها صلاة طارئة ، فلا بدّ لها من تجديد نيّة كالجمعة.
فإن قيل الجمعة بدل عن الظهر ، فلذلك افتقرت إلى نية محدودة.
قلنا : ربما قلبنا الأمر ، فقلنا الجمعة أصل والظهر بدل ، فكيف يكون كلامهم؟
الثاني ـ إنا نقول : وهبكم سلّمنا لكم أنّ الجمعة بدل ، أليست صلاة القصر بدلا ، وصلاة الخوف بدلا آخر؟ فإنّ الجمعة إنما قلنا إنها غير صلاة الظهر سواء جعلناها بدلا أو أصلا لأجل مخالفتها في الصفات والشروط والهيئات ، وهذا كلّه موجود هاهنا ؛ فوجب أن يكون غيره وأن تستأنف له نية.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) :
نزل عليهم المطر ، ومرض عبد الرحمن بن عوف من جرح ، فرخّص الله سبحانه لهم في ترك السلاح والتأهّب للعدو بعذر المرض والمطر ؛ وهذا يدلّ على تأكيد التأهّب والحذر من العدوّ وترك الاستسلام ؛ فإنّ الجيش ما جاءه قطّ مصاب إلا من تفريط في حذر.
المسألة التاسعة ـ قوله تعالى (١) : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).
قال قوم : هذه الآية والتي في آل عمران سواء ، وهذا عندي بعيد ؛ فإن القول في هذه
__________________
(١) الآية الثالثة بعد المائة.