المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) ، أى على القتال.
التحريض والتحضيض هو ندب المرء إلى الفعل ، وقد يندب المرء إلى الفعل ابتداء ، وقد يندب إلى امتثال ما أمر الله سبحانه تذكرة به له.
الآية الثانية والأربعون ـ قوله تعالى (١) : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً).
الآية فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ اختلف في قوله : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً) على ثلاثة أقوال :
الأول ـ من يزيد عملا إلى عمل.
الثاني ـ من يعين أخاه بكلمة عند غيره في قضاء حاجة.
قال النبي الله صلّى الله عليه وسلّم : اشفعوا تؤجروا ، وليقض الله سبحانه على لسان رسوله ما شاء.
الثالث ـ قال الطبري في معناه : من يكن يا محمد شفعا لوتر أصحابك في الجهاد للعدو يكن له نصيب في الآخرة من الأجر. ومن يشفع وترا من الكفار في جهادك يكن له كفل في الآخرة من الإثم.
والصحيح عندي أنها عامّة في كل ذلك ، وقد تكون الشفاعة غير جائزة ، وذلك فيما كان سعيا في إثم أو في إسقاط حدّ بعد وجوبه ، فيكون حينئذ شفاعة سيئة.
وروت عائشة أن قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيها؟ فقالوا : ومن يجترئ إلا أسامة بن زيد حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؛ فكلّمه أسامة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أتشفع في حدّ من حدود الله؟ وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ـ مختصرا.
وهذا حديث صحيح.
وروى أبو داود وغيره أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال : تعافوا الحدود فيما بينكم ، فما بلغني من حدّ فقد وجب.
__________________
(١) الآية الخامسة والثمانون.