إذا تعارض الدليل في التحليل والتحريم في الفروج غلّبنا التحريم ، وكذلك فعل علىّ في الأختين من ملك اليمين لمّا تعارض فيهما التحليل والتحريم غلب التحريم.
الرابع ـ أنه قد قيل : إنّ المراد بالدخول ها هنا النكاح ، فعلى هذا الربائب والأمهات سواء ؛ لكن الإجماع غلب على الربائب باشتراط الوطء في أمهاتهن لتحريمهنّ.
الخامس ـ أنّ كلّ واحد من الموصوفين قد انقطع عن صاحبه ، وخرج منه بوصفه ؛ فإنه قال : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) ، ثم قال بعده : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ) ؛ فوصف وكرّر ، وذلك الوصف لا يصحّ أن يرجع إلى الأمهات ، وهو قوله : (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) ، فالوصف الذي يتلوه يتبعه ، ولا يرجع إلى الأول لبعده منه وانقطاعه عنه.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ) واحدتها ربيبة (١) ، فعيلة بمعنى مفعولة ، من قولك : ربّها يربّها ؛ إذا تولّى أمرها ، وهي محرّمة بإجماع الأمّة ، كانت في حجر الرجل أو في حجر حاضنتها غير أمّها ، وتبيّن بهذا أن قوله تعالى : (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) تأكيد للوصف ، وليس بشرط في الحكم [١٣٨].
فإن قيل : فقد روى مالك بن أوس عن علىّ أنها لا تحرم حتى تكون في حجره. قلنا : هذا باطل.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ).
اختلف فيه على ثلاثة أقوال :
الأول ـ أن الدخول هو الجماع ؛ قاله الطبري والشافعى. وقالت طائفة أخرى : هو التمتّع من اللمس أو القبل ؛ قاله مالك وأبو حنيفة.
والثالث ـ أنه النظر إليها بشهوة ؛ قاله عطاء وعبد الملك بن مروان ، وهي مسألة خلاف قد ذكرناها.
وجملة القول فيها أنّ الجماع هو الأصل ، ويحمل عليه اللمس لأنه استمتاع مثله ، يحلّ بحله ، ويحرم بحرمته ، ويدخل تحت عمومه ، كما بيناه قبل هذا.
__________________
(١) الربيبة : بنت امرأة الرجل من غيره.