وعاد سهمهنّ إلى التعصيب بقضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه ابن مسعود كما تقدّم.
وقال ابن عباس وابن الزبير : الابنة تسقط الأخت ؛ لأنّ الله تعالى يقول (١) : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) ، فتأخذ البنت النصف وما بقي للعصبة ، وقد سبق (٢) قضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي رواه ابن مسعود.
وفي البخاري أنّ معاذا قضى باليمن على عهد رسول الله [١٢٣] صلّى الله عليه وسلّم بأنّ للابنة النصف ، وللأخت النصف ؛ وبهذا الحديث رجع ابن الزبير عن قوله ؛ فصار فرض الأخت والأخوات بالنصّ إن لم يكن ولد ، وصار فرضهنّ التعصيب إن كان بنتا ، وسقطن بالذكر بظاهر القرآن ، فخصّت السنة برواية ابن مسعود عموم قوله : (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ).
المسألة التاسعة ـ لو كان الورثة أخوين للأم أحدهما ابن عم ، أو ابنا عم أحدهما أخ لأم ؛ فأما الصورة الأولى فاتفق الناس فيها أنّ الثلث لهما بسبب الأم ، ويأخذ الثاني ما بقي من الميراث بالتعصيب.
وأما الثانية فاختلفوا فيها ؛ فقال الجمهور : لمن اجتمعت فيه القرابتان السدس بحكم الأمومة ، والباقي بينه وبين الآخر.
وقال عمر ، وابن مسعود : المال للأخ للأم ، وبه قال شريح والحسن وأبو ثور ، واحتجّوا بأنه ساواه في التعصيب ، وفضله بقرابة الأم ، فكان مقدّما عليه في التعصيب كالأخ من الأب والأم مع الأخ من الأب.
ودليلنا أنّ الإخوة من الأم سبب يفرض به في السهام ، فلا يرجّح به في التعصيب ، كما لو كان زوجها ، وبهذا فارق الأخ الشقيق فإنه لا يفرض له بقرابة الأم.
فإن قيل : فقد فرضتم له في مسألة المشتركة.
قلنا : إنما يفرض فيها لولد الأم ، لا لولد الأب والأم ، ثم يدخل معهم فيه ولد الأب والأم.
المسألة العاشرة ـ قوله تعالى : (غَيْرَ مُضَارٍّ).
وذلك راجع إلى الوصية والدّين.
__________________
(١) النساء : ١٧٦
(٢) صفحة ٣٣٦