يعنى انقضت العدّة فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن.
هذا خطاب للأولياء ، وبيان أنّ الحقّ في التزويج لهنّ فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ؛ أى من جائز شرعا ، يريد من اختيار أعيان الأزواج ، وتقدير الصداق دون مباشرة العقد ، لأنّه حقّ للأولياء ، كما تقدم دون وضع نفسها في غير كفء ، لأنه ليس من المعروف ، وفيه الضرر وإدخال العار.
الآية الثالثة والسبعون ـ قوله تعالى (١) : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ، وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ).
فيها عشر مسائل :
المسألة الأولى ـ حرّم الله تعالى النكاح في العدّة ، وأوجب التربّص على الزوجة ، وقد علم سبحانه أنّ الخلق لا يستطيعون الصّبر عن ذكر النكاح والتكلم فيه ، فاذن في التصريح بذلك مع جميع الخلق ، وأذن في ذكر ذلك بالتعريض مع العاقد له ، وهو المرأة أو الولىّ ؛ وهو في المرأة آكد.
والتعريض هو القول المفهم لمقصود الشيء ، وليس بنصّ فيه. والتصريح هو التنصيص عليه والإفصاح بذكره ، مأخوذ من عرض الشيء وهو ناحيته ، كأنه يحوم على النكاح ولا يسف (٢) عليه ويمشى حوله ولا ينزل به.
المسألة الثانية ـ في تفسير التعريض :
وقد روى عن السلف فيه كثير ، جماعه عندي يرجع إلى قسمين :
الأول ـ أن يذكرها للولىّ ؛ يقول لا تسبقني بها.
الثاني ـ أن يشير بذلك إليها دون واسطة. فإن ذكر ذلك لها بنفسه ففيه سبعة ألفاظ: الأول ـ أن يقول لها : إنى أريد التزويج.
الثاني ـ أن يقول لها : لا تسبقيني بنفسك ؛ قاله ابن عباس.
__________________
(١) الآية الخامسة والثلاثون بعد المائتين.
(٢) في ا : ولا يشف. والمثبت من ل.