الأول ـ أنّ القرء
اسم يقع على الحيض والطهر جميعا ، والمراد أحدهما ، فيجب إذا قعدت ثلاثة قروء
ينطلق عليها هذا الاسم أن يصحّ لها قضاء التربّص.
الثاني ـ أنّ
الحكم يتعلّق بأوائل الأسماء ـ كما قلنا في الشفقين واللمسين والأبوين : إنّ الحكم
يتعلّق بالشفق الأوّل ، والوضوء يجب باللّمس الأوّل قبل الوطء ، وإنّ الحجب يكون
للأب الأول دون الثاني وهو الجدّ ؛ وهم مخالفون في ذلك كله ، وقد دللنا عليه أجمعه
في موضعه.
الثالث ـ أنه
تعالى قال : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ، فذكّره وأثبت الهاء في العدد ، فدلّ على أنه أراد الطهر
المذكّر ، ولو أراد الحيضة المؤنثة لأسقط الهاء ، وقال : ثلاث قروء ؛ فإنّ الهاء
تثبت في عدد المذكر من الثلاثة إلى العشرة وتسقط في عدد المؤنث.
الرابع ـ أنّ مطلق
الأمر عندنا وعند أصحاب أبى حنيفة محمول على الفور ، ولا يكون ذلك إلّا على رأينا
في أنّ القرء الطهر ؛ لأنه إنما يطلق في الطهر لا في الحيض ، فلو طلّق في الطهر
ولم تعتدّ إلا بالحيض الآتي بعده لكان ذلك تراخيا عن الامتثال للأمر ؛ وهذه الوجوه
وإن كانت قوية فإنها تفتح من الأسئلة أبوابا ربما عسر إغلاقها ، فأولى لكم التمسك
بما تقدم.
الفصل الثالث :
قالوا : إذا جعلتم الأقراء الأطهار فقد تركتم نصّ الآية في جعلها ثلاثة ، لأنه لو
طلّق في طهر لم يمسّها فيه قبل الحيض بليلة لكان عندكم قرءا معتدّا به وليس بعدد.
قلنا له : أما إذا
بلغنا لهذا المنتهى فالمسألة لنا ، ومأخذ القول في المسألة سهل ؛ لأن البعض في
لسان العرب يطلق على الكلّ في إطلاق العدد ، وغيره لغة مشهورة عند العرب ، وقرآنا
: قال الله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَعْلُوماتٌ) ، وهي عندنا وعندهم شوال وذو القعدة وبعض ذي الحجة ،
فالمخالف إن راعى ظاهر العدد فمراعاة ظاهر حديث ابن عمر أولى.
المسألة الثانية ـ
هذه الآية عامة في كل مطلّقة ، لكن القرآن خصّ منها الآيسة والصغيرة في سورة
الطلاق بالأشهر ، وخصّ منها التي لم يدخل بها ؛ لقوله تعالى : (فَما لَكُمْ
عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها).
وعرضت ها هنا
مسألة رابعة وهي الأمة ، فإنّ عدتها حيضتان ، خرجت بالإجماع.
__________________