الحسين عليهالسلام حتّى دار الزّمن بهم دوراته ، وضربهم بضرباته.
لقد دعا نبيّ الله يحيى إلى الواحد الأحد ، فقتله جبّار أثيم ، وأهدى رأسه بطست إلى بغي (١) ، ودعا الحسين إلى الحقّ والعدل ، فقتله الطّغاة ، وأهدوا رأسه إلى يزيد اللّعين ، وقتل زكريّا وغيره من الأنبياء ، وهم يبشرون وينذرون ، فإذا كان الحسين قد أخطأ في استشهاده من أجل الحقّ ، والعدل فقد أخطأ إذن الأنبياء ، والأولياء ، والمصلحون الّذين قتلوا ، وشردوا في سبيل الله ، وإعلاء كلمة الحقّ ، وإلقاء الحجّة على المبطلين.
قال عليّ بن الحسين : «ما نزل أبي منزلا ، أو ارتحل عنه في مسيره إلى العراق إلّا وذكر يحيى بن زكريا». وقال يوما ، «من هوان الدّنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريّا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ... (٢).
ذكر الحسين يحيى للشّبه بين الإثنين ، فلقد أهديّ رأس الحسين إلى بغي من بغايا الأمويّين الّذين كانوا أشرّ ، وأضرّ على العرب ، والمسلمين من صهاينة هذا العصر. نكث يزيد رأس الحسين بالخيزران عنادا لله ورسوله (٣) ، ولأنّ في هذا
__________________
(١) انظر ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٤٢ مقتل الإمام الحسين : ١ / ١٩٢ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ١٢.
(٢) انظر ، مستدرك الحاكم : ٢ / ٢٩٠ و : ٣ / ١٧٨ ، كنز العمّال : ١٢ / ١٢٧ ح ٣٤٣٢٠ ، فيض القدير : ١ / ٢٦٥ ، تفسير القرطبي : ١٠ / ٢١٩ ، الدّر المنثور : ٤ / ٢٦٤ ، تأريخ ابن عساكر : ١٤ / ٢٢٥ و : ٦٤ / ٢١٦ ، بغية الطّلب في تأريخ حلب : ١ / ٩٣ ، تأريخ بغداد : ١ / ١٥٢.
(٣) انظر ، سنن التّرمذي : ٥ / ٦٥٩ ، موارد الظّمآن : ١ / ٥٥٤ ، مسند أبي يعلى : ٥ / ٢٢٨ ، المعجم الكبير : ٣ / ١٢٥ و : ٥ / ٢٠٦ و ٢١٠ ، تحفة الأحوذي : ١٠ / ١٩١ و ٣٠٧ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ٢٦١ و ٣١٥ و ٣٢٠ ، تهذيب الكمال : ٦ / ٤٣٤ ، تأريخ واسط : ١ / ٢٢٠ ، فضائل الصّحابة لأحمد : ٢ / ٧٨٣ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٠٠ ، الإتحاف بحبّ الأشراف الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي : ١٥٢ ، بتحقّيقنا.