وكان لفاجعة
كربلاء دوي هائل اهتّزت له الدّنيا بكاملها ، حتّى كأنّ النّبيّ نفسه هو المقتول.
وقامت الثّورات في كلّ مكان يتلو بعضها بعضا ، حتّى زالت دولة الأمويّين من الوجود
، وتمّت كلمة الله بالقضاء على الشّرك المستتر باسم الإسلام ، وهذا ما عناه الحسين
بقوله لبني هاشم : «ومن تخلّف لم يبلغ الفتح ، والسّلام» .
وإذا أردت مثالا
يوضّح هذه الحقيقة فانظر إلى المظاهرات الّتي تقوم بها الشّعوب ضدّ الحاكم الخائن
، فإنّ المتظاهرين يعلمون علم اليقين أنّه سيطلق عليهم النّار ، وأنّ القتلى ستقع
منهم بالعشرات ، ومع ذلك يقدمون ولا يكترثون بالموت ، لأنّ غايتهم أن يفتضح هذا
الخائن ، وأن يعرف العالم مقاصده ونواياه ، فينهار حكمه ، ويبيد سلطانه ، وتكون
الدّماء البريئة ثمنا لتحرر البلاد من العبودية والإستغلال.
ومن هنا كان
لأصحابها هذا التّقديس ، والتّعظيم ، تقام لهم التّماثيل في كلّ مكان ، وتسمّى
باسمائهم فرق الجيش والشّوراع ، وتشاد الأندية والمعاهد ، ويرتفع شأن اسرهم إلى
أعلى مكان ، ومن قبل لم يكونوا شيئا مذكورا.
ودماء كربلاء لم
تكن ثمنا لحرّية فرد أو شعب أو جيل ، بل ثمنا للدّين الحنيف ، والإنسانيّة جمعاء ،
ثمنا لكتاب الله وسنّة الرّسول ومن هنا كان لها ما للقرآن والإسلام من التّقديس
والإجلال ، كما أنّ لدماء الأحرار ما لأوطانهم من التّكريم والتّعظيم ، وكان لبني
هاشم اسرة الحسين ما كان لأسر الشّهداء الأحرار.
__________________