الحسين عليهالسلام : كلم القوم ، فتقدم برير فقال : يا قوم اتقوا الله فان ثقل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون ان تصنعوه بهم ، فقالوا : نريد ان نمكن منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه فيهم ، فقال لهم برير : أفلا تقبلون منهم ان يرجعوا الى المكان الذي جاؤوا منه ، ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها ، يا ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم حتى اذا أتوكم أسلمتموهم وحلئتموهم (١) عن ماء الفرات بئس ما خلفتم نبيكم في ذريته ، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم ، فقال له نفر منهم : يا هذا ما ندري ، ما تقول ، فقال برير : الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة ، اللهم اني أبرأ اليك من فعال هؤلاء القوم اللهم الق بأسهم بينهم حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان ، فجعل القوم يرمونه بالسهام فرجع الى ورائه.
وتقدم الحسين عليهالسلام حتى وقف بازاء القوم فجعل ينظر الى صفوفهم كأنهم السيل ، ونظر الى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة فقال : الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته والشقي من فتنته ، فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن اليها وتخيب طمع من طمع فيها ، واراكم قد اجتمعتم على امر قد اسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمته وجنبكم رحمته ، فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم ، اقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم انكم زحفتم الى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتبا لكم ولما تريدون انا لله وانا اليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين ، فقال
__________________
(١) طردتموهم ومنعتموهم (منه).