حتى أموت بين يديك فهل ترى لي من توبة ، فقال له الحسين عليهالسلام نعم يتوب الله عليك فانزل ، قال : انا لك فارسا خير مني راجلا اقاتلهم على فرسي ساعة والى النزول يصير آخر أمري ، فقال له الحسين عليهالسلام : فاصنع يرحمك الله ما بدا لك ، فاستقدم امام الحسين عليهالسلام فقال : يا أهل الكوفة لأمكم الهبل (١) والعبر ادعوتم هذا العبد الصالح حتى اذا جاءكم اسلمتموه وزعمتم انكم قاتلوا انفسكم دونه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه وأمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا ، وحلأتموه ونساءه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصارى والمجوس وتتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، فهاهم قد صرعهم العطش ، بئس ما خلقتم محمدا في ذريته لا سقاكم الله يوم الظمأ ، فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل فرجع حتى وقف امام الحسين عليهالسلام وروى ابن نما انه قال للحسين عليهالسلام : لما وجهني عبيد الله اليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي أبشر يا حر بخير فالتفت فلم ار احدا ، فقلت : والله ما هذه بشارة وانا أسير الى الحسين عليهالسلام وما كنت احدث نفسي باتباعك ، فقال : لقد أصبت أجرا وخيرا.
ونادى عمر بن سعد يا دريد ادن رايتك فأدناها ، ثم وضع سهما في كبد قوسه فرمى به نحو عسكر الحسين عليهالسلام وقال : اشهدوا لي عند الأمير اني أول من رمى ، وأقبلت السهام من القوم كأنها القطر فلم يبق من أصحاب الحسين عليهالسلام احد الا اصابه من سهامهم ، فقال عليهالسلام لأصحابه : قوموا رحمكم الله الى الموت الذي لا بد منه فان هذه السهام رسل القوم اليكم ، فاقتتلوا ساعة من النهار حملة وحملة حتى قتل من أصحاب الحسين عليهالسلام
__________________
(١) الهبل : الثكل (منه).