أشرطة الجينة
الداخلية نفسها حتى يصل إلى أن كل الوجود ، سواء كان ذرة مادية أو خلية حية أو
كونا كاملا أو جسما كاملا ، إنما يقوم على أساس الزوجية في كل بنيانه.
ففي حديثه عن
الزوجية في الخلية الجنسية كنموذج للخلية الحية عموما ، يجد الدكتور هيتو أن العلم
الحديث قد توصل ليس إلى الزوجية في وجود الكائن الحي من خلال نطفة الذكر وبويضة
الأنثى ، كما هو معلوم في الظاهر فقط ، وإنما وصل العلم إلى أن في كل نطفة للذكر
زوجين أيضا ، ففيها نطفة ذكرية وأنثوية بنفس الوقت ، فنطفة الرجل فيها الذكر
والأنثى ، وحينما تلقح البويضة لدى المرأة فإن كانت الملقّحة صفات ذكرية جاء الولد
الذكر منها ، وإن كانت الملقحة صفات أنثوية كانت الأنثى منها ، ويؤكد هذا بالآية
القرآنية (أَيَحْسَبُ
الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى
(٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [القيامة / ٣٦ ـ ٣٩]
، أي فجعل من نطفة الرجل الذكر والأنثى ، وتفسره الآية الأخرى (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) [النجم / ٤٥ ، ٤٦].
فالآية صريحة في أن الذكر والأنثى من نطفة الرجل ومنيه ، وأن هذا المني يحمل
الذكور إلى جانب الإناث أزواجا أزواجا.
أما الزوجية في
الكروموسومات فيتحدث عنها العلم ، كما يذكر الدكتور هيتو ، من خلال عدد هذه
الكروموسومات التي جميعها زوجيا ، فهي في خلية الإنسان في نواتها ستة وأربعين
كروموسوما ، وفي البقر ستون كروموسوما ، وهكذا نجد أن نوع الكائن الحي يختلف
باختلاف عدد الكروموسومات فيه. ولما كانت هذه الكروموسومات دائمة الانقسام بسبب
انقسام الخلية لتعويض الجسم عن الخلايا التي تموت باستمرار ، والتي تقدر بالملايين
، فإن انقسامها نفسه يحمل نفس الزوجية في الكروموسومات الأصلية ، وأي تغير في عدد
الكروموسومات يعني تغير جنس الحيوان ، وحينما تنقسم هذه الكروموسومات إلى أزواجها
فإن كل زوج يعطي منها زوجا آخر شبيها له مائة بالمائة استعدادا للانقسام والتكاثر
، فيصير في الخلية ستة وأربعون زوجا ، ليعود العدد بعد الانقسام إلى ثلاثة وعشرين
زوجا ، ولتستمر مسيرة الحياة ويستمر الحفاظ على الأنواع (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ
كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) [يس / ٣٦]. ولكن
هل هذا هو كل ما في الأمر من أسرار الأزواج؟ كلا ، فحتى حينما تنقسم الخلية
الجنسية إلى ثلاثة وعشرين زوجا ، لتكون بعد التلقيح مع بويضة المرأة المنقسمة أيضا
إلى ثلاثة وعشرين زوجا ، ليعود العدد إلى ستة وأربعين زوجا لتكوين الإنسان ذاته ،
فالخلية الجنسية في