محجوبةٌ عنّي(١).
يا هشام! إيّاك والكبر على أوليائي والاستطالة بعلمك فيمقتك الله ، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك ، وكن في الدنيا كساكن دارٍ ليست له ، إنّما ينتظر الرحيل.
يا هشام! مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة ، ومشاورة العاقل الناصح يمنٌ وبركةٌ ورشدٌ وتوفيقٌ من الله ، فإذا أشار(٢) عليك العاقل الناصح فإيّاك والخلاف فإنّ في ذلك العطب(٣).
يا هشام! إيّاك ومخالطة الناس والاَُنس بهم إلاّ أن تجد منهم عاقلاً ومأموناً فآنس به ، واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية ، وينبغي للعاقل إذا عمل عملاً أن يستحيي من الله ، وإذا تفرّد له(٤) بالنعم أن يشارك في عمله أحداً غيره ، وإذا مرّ بك(٥) أمران لا تدري أيّهما خير وأصوب ، فانظر أيّهما أقرب إلى هواك فخالفه ، فإنّ كثير الصواب في مخالفة هواك ، وإيّاك أن تغلب الحكمة وتضعها في أهل الجهالة(٧)(٦).
____________
(١) «قلوبهم محجوبة عنّي» أي قلوبهم مستورة عن كشف سبحات وجهي وجلالي وإشراق أنوار عظمتي وعرفان دلائل أَلوهيّتي وجمالي ، وممنوعة عن حصول العلوم الحقيقيّة فيها ، لحلول محبّة زخارف الدنيا فيها وتعلّقها بها.
(٢) في بعض النسخ : فإذا استشار. تصحيف.
(٣) «مجالسة أهل الدين» أهل الدين هم العالمون بشرائع الدين العاملون بها.
«فإنّ في ذلك العطب» العطب : الهلاك.
(٤) في بعض النسخ : إذ تفرّد له.
(٥) في بعض النسخ : وإذا خرّ بك ، وفي بعضها : وإذا حزّ بك.
و «خرّ به أمر» أو «حزّ به أمر» أي نزل به وأهمّه.
(٦) في بعض النسخ : وإيّاك أن تطلب الحكمة وتضعها في الجهّال ، وفي بحار الاَنوار : وتضعها في الجهالة.
(٧) «السباع الضارية» أي المولعة بالافتراس المعتادة له.