وأدب العلماء(١) زيادةٌ في العقل ، وطاعة ولاة العدل تمام العزّ ، واستثمار المال تمام المروّة ، وإرشاد المستشير قضاء لحقّ النعمة ، وكفّ الاَذى من كمال العقل ، وفيه راحة البدن عاجلاً وآجلاً»(٢).
يا هشام! إنّ العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، ولا يسأل من يخاف منعـه ، ولا يَعـدُ ما لا يقـدر عليـه ، ولا يرجـو مـا يعنّف برجائـه ،
____________
(١) وفي رواية الكافي : وآداب العلماء.
(٢) «مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح» كلامه عليه السلام هذا ترغيب المعاشرة مع الناس ، والمؤانسة بهم ، واستفادة كلّ فضيلة من أهلها ، وزجر عن الاعتزال والانقطاع اللذَين هما منبت النفاق ، ومغرس الوسواس ، والحرمان عن المشرب الاَتمّ المحمّدي ، والمقام المحمود الجمعي ، والكأس الاَوفى ، والقدح المعلّى الموجب لترك كثير من الفضائل والخيرات وفوت السنن الشرعيّة وآداب الجمعة والجماعات وانسداد أبواب مكارم الاَخلاق والحسنات ، والتعرّي عن حلية الكمالات النفسانيّة الحاصلة بالسياسات والتعطّل عن اكتساب العلوم ، واستيضاح المبهمات ، واستكشاف المشكلات ، وحلّ الشبهات ، والتبرّك بصحبة العلماء ، وخدمة المشايخ والكبراء للمبتدىَ والمتوسّط ، والفوز بسعادة الشيخوخة والتأديب والاِصلاح للمنتهـي والكامل ، إلى غير ذلك.
«وأدب العلماء» أي مجالستهم ، وتعلّم آدابهم ، والنظر إلى أفعالهم ، والتخلّق بأخلاقهم موجبة لزيادة العقل ، والحمل على رعاية الآداب في مجالسة العلماء لا يخلو من بعد.
«واستثمار المال» أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الاِنسانيّة ، وموجب له أيضاً ، لاَنّه لا يحتاج إلى غيره ويتمكّن من أن يأتي بما يليق به.
«قضاء» أي شكر لحقّ نعمة أخيه عليه ، حيث جعله موضع مشورته ، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم.
«وكفّ الاَذى» سواء كان أذى نفسه أو أذى غيره ، فيشمل التنزّه عن مساوىَ الاَخلاق كلّها ، وصاحبه أفضل أصناف البشر ، لجمعه بين الرئاستين العلميّة بقوّة البصيرة ، والعمليّة بكمال القدرة ، ولهذا عدّه من كمال العقل.
«وفيه راحة البدن» بدن نفسه وبدن غيره.
أخرج هذه القطعة في بحار الاَنوار ٧٨/١٤١ ح ٣٥ عن التّحف.