(يا هشام ، من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيّتـه زيد في رزقه ، ومن حسن برّه بإخوانه وأهله مُدّ في عمره.
يا هشام! لا تمنحوا الجهّال الحكمة فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
يا هشام! كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا)(١).
[يا هشام! إنّ العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه](٢).
يا هشام! لا دين لمن لا مروّة له ، ولا مروّة لمن لا عقل له ، وإنّ أعظم الناس قدراً الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً ، أما إنّ أبدانكم ليس لها
____________
= ولمـا سواه بالعرض ، فالعزيز مـن أعزّه الله ، فمـن كان مع الله بالفنـاء عن نفسـه كان عزيزاً بعزّة الله فضلاً عن كونه عزيزاً بإعزازه ، ومن كان مع غيره كان ذليلاً مثله.
«والتواضع أحبّ إليه من الشرف» لاَنّه أنسب إلى العبوديّة وأدخل في تصحيح تلك السُنّة والتحقّق بها.
«يستكثر قليل المعروف من غيره» تخلّقاً بأخلاق الله في تضعيفه لحسنات العباد.
«ويستقلّ كثير المعروف من نفسه» لكرامة نفسه واتّصاله بمنبع الجود والخير.
«ويرى الناس كلّهم خيراً منه» لحسن ظنّه بعباد الله وحمله ما صدر منهم على المحمل الصحيح لسلامـة صدره ، ولِمـا رأى من محاسن ظواهرهـم ، دون مـا خفي من بواطنهم ، فيراهم أحوالاً منه.
«وأنّه شرّهم في نفسه» لاطّلاعه على دقائق عيوب نفسه.
«وهو تمام الاَمر» أي رؤية الناس خيراً ونفسه شرّاً تمام الاَمر لاَنّها موجبة للاستكانة والتضرّع التامّ إلى الله تعالى والخروج إليه بالفناء عن هذا الوجود المجازي الذي كلّه ذنب وشرّ كما قيل : وجودك ذنب لا يقاس به ذنب.
(١) ما بين القوسين ليس في الكافي.
«لا تمنحوا الجهّال الحكمة» المنحة : العطاء ، أي لا تعطوهم ولا تعلّموهم.
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من الكافي.