ربّه(١) وكان الله آنسه في الوحشة ، وصاحبه في الوحدة ، وغناه ، في العيلة ، ومعزّه في(٢) غير عشيرةٍ.(٣)
يا هشام! نُصِبَ الخلق(٤) لطاعة الله ، ولا نجاة اِلاّ بالطاعة ، والطاعة بالعلم ، والعلم بالتعلُّم ، والتعلُّم بالعقل يُعْتَقد ، ولا علم إلاّ من عالمٍ ربّانيّ ، ومعرفة العالم(٥) بالعقل(٦).
____________
(١) في الكافي : الله.
(٢) في الكافي : من.
(٣) «فمن عقل عن الله» بلغ عقله إلى حدّ يأخذ العلم عن الله من غير تعليم بشر في كلّ أمر أمر.
«اعتزل أهل الدنيا» إذ لم يبق له رغبة في الدنيا وأهلها وإنّما يرغب في ما عند الله من الخيرات الحقيقيّة ، والاَنوار الاِلهيّة ، والاِشراقات العقليّة ، والابتهاجات الذوقيّة ، والسكينات الروحيّة.
«كان الله آنسه» مؤنسه ، إذ موجب الوحشة فقد المألوف وخلوّ الذات من الفضيلة والله تعالى مألوفه وهو منبع كلّ خير وفضيلة.
«في العيلة» في الفاقة.
(٤) في الكافي : الحقّ.
(٥) في الكافي : «العلم» بدل «العالم».
(٦) «ونصب الحقّ [برواية الكافي]» يعنـي بالحقّ دين الحقّ ، أي أُقيـم الدين بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ليطاع الله في أوامره ونواهيه.
«والطاعة بالعلم» أي العلم بكيفيّة الطاعة.
«والتعلُّم بالعقل يُعْتَقد» أي يشتدّ ويستحكم ، أو من الاعتقاد : بمعنى التصديق والاِذعان.
«ولا علم» أي بكيفيّة الطاعة.
«إلاّ من عالم ربّاني» أي بالتعلُّم منه دون الاجتهاد والرأي.
«ومعرفة العالم بالعقل» المراد هنا علم العالم ، والغرض أنّ احتياج العلم إلى العقل من جهتين لفهم ما يلقيه العالم ، ولمعرفة العالم الذي ينبغي أخذ العلم عنه ، ويحتمل أن يكون المعنى أنّ العقل هو المميّز الفارق بين العلم اليقيني ، وما يشبهه من الاَوهام الفاسدة والدعاوى الكاذبة ، أو من الظنّ والجهل المركّب والتقليد.