بالشعر ، وكان يقول : «الشعر ديوان العرب ، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا معرفة ذلك منه» ، كما في الاِتقان لعلوم القرآن للسيوطيّ ٢/٦٧ ، وقد بقيت لنا مجموعة من أسئلة عن معاني ألفاظ من القرآن الكريم سألها نافع بن الاَزرق ، أجابه عنها عبد الله بن عبّاس واستدلّ على معانيها كلّها بأشعار جاهليّة ، وقد استوعب جلّها السيوطي في إتقانه ، ثمّ نشرها الدكتور إبراهيم السامرائيّ.
واستمرّت شواهد الشعر تجري في ما أُلِّف حول القرآن الكريم في القرون التالية في كتب معاني القرآن ومجازه وبيانه وإعرابه وتفسيره ، وكثر استخراج العلماء لهذه الشواهد من ديوان العرب وتضخّم عددها حتّى كان أبو بكر محمّد بن القاسم ابن الاَنباريّ (٣٢٨ هـ) يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد على ألفاظ القرآن كما في بُغية الوعاة ١/٢١٢ ، الترجمة ٣٧٩.
وهو مبلغ ضخم لو وصلنا لوصلتنا معه ثروة لغويّة وتفسيريّة لا تقدّر بثمن ، وحسبك أن تتصوّر ضخامة هذا العدد من النصّ التالي : «قال ثعلب : كان الاَحمر [قلت : هو عليّ بن الحسن ـ وقيل ابن المبارك ، وبه جزم الخطيب ـ المعروف بالاَحمر ، شيخ العربية ، وصاحب الكسائي (١٩٤ هـ) يحفظ أربعين ألف شاهد في النحو ، وكان مقدّماً على أفراد في حياة الكسائيّ ، وأملى الاَحمر شواهد في النحو ، فأراد الفرّاء أن يتمّمها فلم يجتمع له الناس كما اجتمعوا للاَحمر ، فقطع». بغية الوعاة ٢/١٥٩ ، الترجمة ١٦٩٤.
وهذا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يحيى بن المبارك البغداديّ اليزيديّ صنّف كتاباً في غريب القرآن استشهد فيه على كلّ كلمة من القرآن