وأما خامسا : فلأنا نمنع كون (الأرجل) مظنة لإسراف الغسل فيها ، وكونهما قريبين من الأرض ـ كما قد علل بعضهم (١) ـ لا يوجب السرف (٢).
ولو كان الدين بالرأي ، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه (٣) ، مع أن المسح على ظاهرهما وفاقا منهم (٤)
__________________
(١) كالسخاوي في جمال القراء ٢ / ٤١ ، ومن المتأخرين عن عصر المصنف (قدسسره) محمد بن يوسف أطفيش الأباضي في تيسير التفسير ٣ / ٣٣.
(٢) السرف والإسراف لغة : تجاوز القصد ، وقد سبق تعريف الاسراف في ص ٣٧٦ هامش رقم ٢.
(٣) هذا هو المروي عن أمير المؤمنين علي (عليهالسلام) ، أنه قال : لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره.
أنظر : سنن أبي داود ١ / ٤٢ ح ١٦٢ ، وسنن البيهقي ١ / ٢٩٢ ، وسنن الدارقطني ١ / ١٩٩ ح ٢٣ ، والمحلى ٢ / ١١١ ، ونصب الراية ١ / ١٨١.
وفي كتاب الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن الشيباني ـ تلميذ أبي حنيفة ـ ١ / ٣٥ نسبه إلى عمر بن الخطاب ، وأورد عن الحسن البصري ، وابن شهاب الزهري مثله. كما أورد ابن حزم في المحلى ٢ / ٥٦ مسألة ٢٠٠ عن علي أمير المؤمنين (عليهالسلام) ، قوله : كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يمسح ظاهرهما ، وأخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار ١ / ٣٥ في باب فرض الرجلين في وضوء الصلاة ، عن عبد خير ، عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) ، إنه توضأ ومسح على ظهر القدم ، وقال : لولا أني رأيت رسول الله (صلى عليه وآله وسلم) فعله ، لكان باطن القدم أحق من ظاهره.
(٤) ذهب جمهور العامة إلى جواز المسح على الخفين لما رواه سعد بن أبي وقاص ، من أن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) مسح على الخفين ، كما في صحيح البخاري ١ / ٦٢ ، ومسند أحمد ١ / ١٥ ، وسنن البيهقي ١ / ٢٦٩ وغيرها.
وقال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وداود : إن المسح يكون على ظاهر الخف ، ولا مدخل لأسفله فيه ، كما في المبسوط للسرخسي ١ / ١٠١ ، واللباب ١ / ٣٧ ، والمغني ١ / ٣٣٥ ، والمجموع ١ / ٥٢١ ، وبداية المجتهد ١ / ١٩ ، والجامع لأحكام القرآن ٦ / ١٠٣ ، والمحلى ٢ / ١١١.
وقال الشافعي : يستحب مسح أعلى الخف وأسفله ، وبه قال عبد الله بن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ومالك ، وابن المبارك ، وإسحاق ، كما في بداية المجتهد ١ / ١٩ ، والمجموع ١ / ٥١٨ و ٥٢١ ، وفتح العزيز ٢ / ٣٩٢ ، ومغني المحتاج ١ / ٦٧ ، والمغني