يراد حقيقة المسح بالنسبة إلى المعطوف عليه ، والغسل الشبيه به بالنسبة إلى المعطوف!
وذلك غير جائز (١).
وإما عموم المجاز مع الاجمال المحتاج إلى البيان ، بأن يراد من المسح (٢) ، ما يعم المسح الحقيقي ، والغسل الشبيه به مطلقا!! وهذا مما لا يتكلم به رشيد ، فكيف يأتي به الباري (جل اسمه) في كتابه العزيز لتعليم الخواص والعوام ، ويجعله مضلة للأفهام (٣) ، وعرضة للأوهام؟!
وكان يمكن أن يقول [عزوجل] : (فاغسلوا أرجلكم) ، ولو جاز مثل هذا التأويل في القرآن ، أو الكلام ، لارتفع الأمان عن فهم المرام ، وخرج القرآن عن كونه دليلا للمحقين ، وأمكن للفرق المضلة أن يؤولوه بما يوافق مدعاهم ، بل بما هو أقرب منه بيقين.
__________________
له شرح المقاصد ، وشرح الشمسية ، والإرشاد في النحو ، وغيرها ، مات سنة ٧٩٢ ه عن سبعين عاما.
أنظر : مقدمة ابن خلدون ٣ / ١٠٩١ ، والدرر الكامنة ٤ / ٣٥٠ ، والبدر الطالع ٢ / ٣٠٣ ، وشذرات الذهب ٦ / ٣١٩ ، وله ترجمة مفصلة كتبها الدكتور عبد الرحمن عميرة في مقدمة تحقيقية لكتاب شرح المقاصد.
(١) سبب عدم الجواز ، هو أن من أحكام الحقيقة والمجاز أنهما لا يجتمعان في لفظ واحد في حالة واحدة بحيث يكون كل منهما مرادا في آن واحد لأن الحقيقة هي الأصل والمجاز مستعار ، ولا يمكن تصور كون اللفظ الواحد مستعملا في موضوعه ومستعارا في موضع آخر سوى موضوعه في حالة واحدة ، وهذا ما صرح به السرخسي الحنفي في أصوله ١ / ٧٣.
وسبب آخر هو أن حكم الرؤوس هو المسح حقيقة بلا خلاف ، وبما أن الأرجل معطوفة على الممسوح فتأخذ حكمه حقيقة.
(٢) في م : بأن يراد منه المسح.
(٣) في ر : الأفهام.