وتفصيل هذا الإجمال :
إنه لو أريد بالمسح معناه الحقيقي بالنسبة إلى (الرؤوس) ، والغسل الشبيه به بالنسبة إلى (الأرجل) بقرينة التحديد المذكور (١) ، لزم : إما الجمع بين الحقيقة والمجاز ـ كما ذكره العلامة التفتازاني (٢) ـ بأن
__________________
الكرباسي ، ص : ٩ من المقام الأول (الطبعة الحجرية).
ولهذا نرى الغزنوي في وضح البرهان ١ : ٣٠٧ يؤكد أن الحسن البصري إنما قرأ (وأرجلكم) بالرفع على الابتداء ، لكي لا يحتاج إلى اعتبار المجاز ، فتوقى العطف عما يليه. لكن الغزنوي رد قراءة الحسن ، وقال بالعطف على الممسوح حقيقة ، إلا أنه زعم نسخ المسح على الرجلين بالسنة ، وبالتحديد!!
أقول : أما السنة فقد بين المصنف ـ كما مر ويأتي مفصلا أيضا ـ عدم دلالة شئ منها على الغسل في الفرض الوجب ، وأما عن التحديد فهو باطل قطعا وسنشير إلى من رده في الهامش الآتي.
(١) المراد بالتحديد هو قول تعالى : (إلى الكعبين) وقد استدل بعضهم بهذا التحديد على وجوب غسل الأرجل ، قياسا على التحديد المذكور في غسل الأيدي!! وسيأتي في هذه الرسالة ص ٤٠٨ و ٤٠٩ و ٤٥٣ و ٤٥٤ وهامش ١ ص ٤٥٤ بطلان هذا القياس وعلى لسان علماء العامة أنفسهم كما في الهامش المشار إليه. ولا بأس هنا بالإشارة إلى المصادر التي ذكرت التحديد مع الاحتجاج به على وجوب غسل الرجلين.
أنظر : مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ / ١٥٥ ، ومعاني القرآن للزجاج ٢ / ١٥٤ ، وأحكام القرآن للجصاص ٢ / ٣٤٦ ، والحجة للقراء السبعة ٣ / ٢١٥ ، حجة القراءات : ٢٢٣ ، وتفسير الوسيط ٢ / ١٥٩ ـ ٦٠ ١ ، ووضح البرهان ١ / ٣٠٧ ، والبيان ـ لأبي البركات ـ ١ / ٢٨٤ ، وزاد المسير ٢ / ٣٠١ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٤٢٤ ، وإملاء ما من به الرحمن ١ / ٢١٠ ، والمغني لابن قدامة ١ / ١٥٤ ، والجامع لأحكام القرآن ٦ / ٩١ ، والجموع شرح المهذب ١ / ٤٧٩ ، وتفسير أبي السعود ٣ / ١١ ، وتفسير النووي ٣ / ١١.
هذا ، وقد حكم ببطلان القول بالتحديد ابن حزم في المحلى ٢ / ٥٧ ـ ٥٨ مسألة ٢٠٠ ، وابن عطية الأندلسي المالكي في المحرر الوجيز ٥ / ٤٨ ، والرازي الشافعي في التفسير الكبير ١١ / ١٦٢.
(٢) هو مسعود بن عمر بن عبد الله ، سعد الدين التفتازاني الشافعي ، ولد سنة ٧٣٣ ه بقرية تفتازان من مدينة نسا في خراسان ، ثم انتقل إلى سمرقند ، وجرجانية ، وهراة ، وغيرها.