وأما ثانيا : فلأن حقيقة العطف تقتضي (١) أن يكون المعطوف في حكم المعطوف عليه في كل اللغات كما لا يشك فيه من له أدنى تمييز.
وهل يجوز عاقل فضلا عن فاضل أن تقول (٢) : أكرمت زيدا وعمروا ،
ومررت بخالد وبكر ، بالجر عطفا على خالد ، ويكون المراد : إني أكرمت بكرا؟!!
وأما ثالثا : فلأن قوله : الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها ، فكانت مظنة للإسراف المذموم ... فعطفت على الرابع (٣) الممسوح لا لتمسح ... إلى آخره (٤).
مردود ، بأن كل الأعضاء المغسولة تغسل بصب الماء عليها ، لأن حقيقة الغسل صب الماء على المغسول مع الجريان أو غمسه في الماء (٥).
__________________
عن الاعتبار جزماً ، لمخالفتها لما هو الصحيح الثابت بل المتواتر كما بيّناه.
وصدر عبارة المصنّف قدس سره ناظر إلى هذا المعنى ، إلاّ أنّه عبّر عن المخالفة بالمعارضة لكي يبرهن على أنّ صحّة مدلول قراءة النصب يلزم منه الدور الباطل بناءً على صدق عنوان التعارض بين المدلولين ، وإلاّ فهو يرى قدس سره كسائر علماء الشيعة ، تطابق معنى القراءتين وأنّهما غير متنافيتين ، وسوف يصرّح ـ في ص ٤١٠ من هذه الرسالة ـ بذلك ، فلاحظ.
(١) في «م» : «يقتضي».
(٢) في «ر» : «تقول».
(٣) في «ر» : «فعطف على الثالث» وما في «م» موافق للاصل ، وقد مر في ص ٣٦٧ هامش رقم ٤ أن المسح للرأس (ثالث) بالنظر الى غسل الوجه واليدين ، و (رابع) بالنظر الى مجموع الاعضاء المغسولة.
(٤) في «م» «انتهى» بدلاً من : «الى آخره».
(٥) حقيقة الغسل عند مالك : امرار اليد بالماء ، وعند الشافعي : امرار الماء على المحل وان لم يدلك ، وعند أكثر فقهاء العامة : امرار الماء على المحل حتى يسيل ، وزاد بعضهم : مع الدلك.
انظر : تفسير ابن جزي ١/ ٤٩ ـ ٥٠٩ ، ومحاسن التأويل ٦/١٠٢ ، وسيأتي توضيح الفرق بين الغسل والمسح في هذا الوجه بأتم بيان ، وانظر هامش ٦ ص ٣٩٢ ـ ٣٩٤ ففيه اعتراف العامة بالفرق بينهما.