لا يتوقف صحة (١) شئ من مقدمات نفي الثانية على ثبوت مدلول الأولى ، وإلا لدار ، لأن ثبوت مدلول قراءة النصب يتوقف على نفي مدلول قراءة الجر (٢).
فلو توقف نفي مدلول قراءة الجر على ثبوت مدلول قراءة النصب لزم الدور لزوما لا سترة (٣).
__________________
(١) في «ر» : «صحّته».
(٢) بمعنى : أنّ ثبوت مدلول قراءة النصب يكون متوقّفاً على ثبوت مدلول قراءة النصب أيضاً ، وهذا هو الدور الباطل ، لاستحالة توقّف الشيء على نفسه.
(٣) هذا بالبناء على عطف «الاَرجل» في قراءة النصب على «الوجوه والاَيدي» بالنحو الذي قرّره بعض العامّة ، وإلاّ فقراءة النصب موافقة لقراءة الجر في صورة عطف الاَرجل على موضع الرؤوس كما تقدّم.
ولا يخفى بأنّ القول بتعارض القراءتين لا يتحقّق إلاّ مع تأويل قراءة النصب بالعطف على المغسول ، وعلى فرض ثبوتها فلا بُدّ من فرض التكافؤ مع العطف على الممسوح لكي تتوفّر شرائط التعارض ، أو بتوجيه نصب الاَرجل عطفاً على لفظ الممسوح لا محله مع فرض التكافؤ المذكور أيضاً.
وهنا لا يصحّ التعارض على كلا الوجهين ، أمّا الاَوّل منهما فقد تقدّم ما فيه ، وكذا الثاني لضعفه نحواً وبلاغةً. وعليه لا بُدّ من القول بتوافق القرائتين على نحو ما تقول به الشيعة الاِمامية.
ومن ثمّ ، فإنّه لو فرض حصول التعارض بين القراءتين من كلّ وجه ، وفقدت الصفات المرجحّة لاَيٍّ منهما على الاَُخرى ، فإنّه يستلزم أحد المحاذير التالية ، وكلّها باطلة ، وهي :
١ ـ إمّا القول بتساقط القراءتين وترك العمل بأيٍّ منهما ، وهو باطل بالضرورة.
٢ ـ وإمّا القول بالجمع بين الغسل والمسح ، وهو باطل لمخالفته الاِجماع.
٣ ـ وإمّا القول بالتخيير بينهما ، وهو كسابقه في البطلان.
إذن لا تعارض بين القراءتين حقيقة ، إذ لا يصدق عنوان التعارض إلاّ على دليلين صحيحين متكافئين قضى مدلول أحدهما بخلاف ما قضى به مدلول الآخر ، أمّا نصب التعارض بين الصحيح الثابت الموافق لظاهر القرآن الكريم ، وبين الضعيف الذي يمسّ بلاغة القرآن الكريم ، فهذا ليس من التعارض المصطلح عليه في شيء.
وعليه ، فقراءة النصب بالعطف على المغسول ـ أو على لفظ الممسوح لا محله ـ ساقطة