[المقام الثاني]
وأما الثاني (١) :
فلأن ما تمحله لدفع التعارض أفسد من ارتكاب جر الجوار ـ المهروب عنه ـ من وجوه :
أما أولا : فلأن النكتة التي ذكرت لعطف الأرجل على الممسوح مع إرادة غسلها إنما تصح (٢) نكتة بعد أن يستفاد من خارج الآية ، أن الأرجل لا بد وأن تكون (٣) مغسولة ، لا من هذه الآية (٤).
وأما جعلها دليلا عليه بواسطة هذه النكتة فمما لا وجه له في مقام الاستدلال ، لأنهم إنما يستفيدون غسل الأرجل من قراءة الآية بالنصب ، ويجعلونها دليلا عليه.
والحاصل : إن قراءة النصب لكونها معارضة بقراءة (٥) الجر ، في معرض السقوط! فثبوت مدلولها موقوف على نفي مدلول الثانية ، بوجه
__________________
(١) أي : ثاني المقامين في تفنيد رأي الزمخشري في المسألة ، وقد مرّ الاَول ص ٣٧٧.
(٢) في «ر» : «يصحّ».
(٣) في «م» : «يكون».
(٤) وبيان ذلك :
إنّ عطف الاَرجل على الممسوح ظاهر في مسحها ، فكيف استفاد الزمخشري نكتة الاقتصاد بصبّ الماء على الاَرجل لا مسحها من العطف المذكور نفسه؟!
وهل هذا إلاّ هو التعسّف في تأويل قراءة الجر ، وتطبيق للآية على المذهب؟!
ولهذا نجد أبا حيّان النحوي الاَندلسي في البحر المحيط ٣/٤٣٧ قد ردّ على الزمخشري بعنف بعد أنْ نقل كلامَهُ المتقدّم ، بقوله : «وهو كما ترى في غاية التلفيق وتعمية في الاَحكام».
(٥) في «م» : «لقراءة».