أي : سقيتها ماء.
فيرد عليه :
أولا : إنه قول بمجرد التشهي ، لأن الأصل عدم التقدير ، وعدم الحذف (١) ، لتمامية المعنى بدونهما.
وثانيا : إن ذلك إنما يجوز مع قيام القرينة وعدم اللبس كما في ما مثلتم فإن الماء لا يعلف ، فحذفوا الفعل لعدم اللبس (٢).
وأما هنا فلا ، لأن (الأرجل) تمسح كما تغسل ، وإرادة المسح هو الظاهر ، ولا ضرورة إلى تقدير (اغسلوا) إلا ترويج المدعى.
وثالثا : إنه لو جاز تقدير (اغسلوا) ـ بقرينة (فاغسلوا) (٣) ـ لجاز تقدير (امسحوا) بقرينة (وامسحوا) ، بل هو أظهر لقرب القرينة (٤).
__________________
مستغنٍ عن تقدير أي شيء زائد لتصحيح المعنى؛ لاَنّه صحيح في نفسه.
(١) إذا شُكَّ في لفظ بأنّه هل أُضمر فيه شيء يمكن تقدير ما يناسبه؟! فالحكم هو الاَخذ بظاهر اللفظ تمسّكاً بالاَصل وهو عدم التقدير ، ويسمّى ذلك في كتب الاَُصول ـ في مباحث الاَلفاظ ـ بأصالة عدم التقدير ، أو (عدم الحذف) أحياناً.
(٢) ونظير هذا احتجاجهم بقول الشاعر :
يالَيْتَ بَعْلَكِ قَدْ غَدا |
|
مُتَقَلّداً سَيْفاً وَرُمْحاً |
أو بقول الآخر :
وأطْفَلَتْ بالْجَهْلَتَينِ ضِباؤُها وَنَعامُها
أو بقولهم :
وشِرابُ ألْبانٍ وَتمْرٍ وَأُقَط
ومن البداهة أنّ الرمح يحمل لا يُقلَّد ، والاَقط يُؤكَل لا يُشْرَب ، والنعام تفرخ لا تطفل ، فحذفوا التقدير في كل هذا لعدم اللَّبْس ، وليس الاَمر في (الاَرجل) كذلك ، إذْ يمكن أنْ تمسح ، ويمكن أنْ تغسل ولا مانع في ذلك ، وعليه فتقدير (اغْسِلُوا) ترجيح بلا مرجّح.
(٣) الكلام المحصور بين شارحتين لم يرد في «م».
(٤) تقدّم في هامش ٥ ص ٣٧٧ إنّه إذا تنازع عاملان على معمول واحد ، فإعمال الاَقرب هو الاَوْلى.