له (١).
__________________
هذا مشروط بعدم وجود الفصل بالاَجنبي ، وعدم مزاحمة العامل بآخر أقرب منه ونحو ذلك من الوجوه التي بيّنها المصنّف في رد العطف على الوجوه كما تقدّم في ص ٣٧٧ وسوف يأتي في ص ٤٢٦ أنّ قراءة نصب الاَرجل عطفاً على محل (برؤوسكم) ، هي قراءة نافع ، وابن عامر ، والكسائي ، وحفص ، فلاحظ.
(١) في حاشية «ر» : «فَإنّه مجرور لفظاً ، منصوب محلاً على أنّه مفعول لـ (امسحوا). كقولهم : مررت بزيدٍ وعَمْراً ، وقرىَ : (وتنبت بالدهنِ وصبغاً) ، سورة المؤمنون ٢٣ : ٢٠ ، وقال الشاعر :
مُعَاويَ إنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ |
|
فَلَسْنَا بالجبالِ وَلاَ الحَدِيدا! |
وقال بعض الفضلاء المتبحرين في العربية : انه يحتمل أن يكون [تكون] قراءةُ المتبحِّرين النصبَ ، بتقدير (الباء) ، على أنْ يكون نصباً بنزع الخافض ، كما في المفعول فيه والمفعول له المنصوبين ، كقولك : صمتُ يومَ الجمعة ، وضربت تأديباً ، أي : في يوم الجمعة ، وللتأديب. فيكون من عطف جار ومجرور على جار ومجرور ، أي : امسحوا برؤوسكم وبأرجلكم.
وهذا الاحتمال جارٍ في جميع الاَمثلة المذكورة للعطف على المحل ، لجواز أنْ يكون قولك : مررت بزيدٍ وعَمْراً ، بتقدير وبعمرٍ.
وقوله تعالى : (تنبت بالدهن وصبغاً للآكلين) ، بتقدير : وبصبغٍ ، أي : تنبت الشجرة ، ومن شجرة الزيتون ملابسة بالدهن وهو الزيت ، وبما يصنع به للآكلين وهو الزيتون.
والشعر المذكور بتقدير : ولا بالحديد ، أي : معاويَ أسْجِحْ ـ من الاِسجاح بمعنى : حسن العفو ـ فلسنا بالجبالِ ولا بالحديدِ.
ولا يخفى على الفطن أنّ تقدير حرف الجر أنسب ـ من حيث المعنى ـ من العطف على المحل ، إلاّ فيما كان حرف الجر زائداً كما في الشعر المذكور. انتهى ، منه سلّمه الله وأبقاه».
أقول : في صورة زيادة حرف الجر يكون عطف «الحديد» على موضع «الجبال»؛ لاَنّه نصب على خبر ليس ، والباء لا محل لها ، فكأنّه قال : فلسنا الجبالَ ولا الحديدا.
والبيت المذكور من البحر الوافر ، وقد نسبه البعض إلى عبدالله بن الزبير ، وقيل : لعقبة أو عقيبة الاَسَديّ وهو الاَشهر ، وهو من شواهد سيبويه ، وقد خطّأه بعضهم ، بأنّ هذا البيت وما بعده من أبيات محفوظة الرَّوِي ، وهي مجرورة ، وما بعده :
أَكَلتُمْ أَرْضَنا فَجَرَدْتُموها |
|
فَهَلْ مِنْ قائِمٍ أوْ مِن حَصيدِ |
وانتصر آخرون لسيبويه ، فقالوا : إنّ الحجّة له في هذا؛ لاَنّه سمع مِن العرب مَن ينشد هذا البيت بالنصب ، فكان إنشاده حجّة.