انقرض القائل به وهو الجبائي ، وابن جرير الطبري كما مر (١). وعند ذلك يتعين العطف على محل (رؤوسكم) (٢) ، مع تأييد قراءة الجر
__________________
(١) انظر الهامش رقم ٣ ص ٣٦٧.
وقد وصف ابن العربي المالكي في الناسخ والمنسوخ ٢/١٩٨ القول بالتخيير بأنّه بِدْعَةٌ.
(٢) في «م» لم ترد لفظة «رؤوسكم» لكنها استظهرت في الحاشية بلفظ : «الرؤوس ظاهراً».
واعلم ، أنّه قد يعبر عن العطف على المحل بالعطف على الموضع ، ولا فرق في التسمية ، وخلافه العطف على اللفظ ، وقراءة «الاَرجل» بالنصب تقتضي المسح ، لاَنها معطوفة على موضع الرؤوس المنصوبة بوقوع الفعل (وامسحوا) عليها ، وإنّما جُرَّ لفظ «الرؤوس» بالباء ، ولا ينكر أنْ تُعْطَف «الاَرجل» على موضع الرؤوس ـ لا لفظها ـ فتنصب ، وقد وقع نظير ذلك في القرآن الكريم ، ولغة العرب ، وأشعارهم.
من ذلك ، قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هَاديَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) سورة الاَعراف ٧ : ١٨٦ بالجزم على موضع (فلا هادي) ؛ لاَنّ موضعه الجزم.
ومنه قولهم : لست بقائمٍ ولا قاعداً ، بنصب «قاعداً» على موضع «قائمٍ» لا لفظه.
ومنه أيضاً قول تأبّط شراً :
هَلْ أنْتَ بَاعِثُ دِينارٍ لحاجتِنا |
|
أَوْ عَبْدَ رَبٍّ أَخا عَونِ بن مِهْراقِ |
بنصب (عبَد ربٍ) على موضع (دينار)؛ لاَنَّ من حق الكلام أن يقول : هل أنت باعث ديناراً.
انظر : الناصريات : ٢٢١ مسألة ٣١ ، وتهذيب الاَحكام ١/٧١ ـ ٧٢ ، وتفسير التبيان ٣/٤٥٢ و ٤٥٥ ، ومجمع البيان ٣/٢٠٨.
وقد اعترف بهذا السرخسي الحنفي في مبسوطه ١/٨ ، قال في شرح قول ابن عباس : «نزل القرآن بغسلين ومسحين» ما نصّه : «يريد به القراءة بالكسر في قوله تعالى (وأرجلِكم إلى الكعبين) فإنّه معطوف على الرأس ، وكذلك القراءة في النصب ، عطف على الرأس من حيث المحل ، فإنَّ الرأس محله من الاِعراب النصب ، وإنّما صار مخفوضاً بدخول حرف الجر ، وهو كقول الشاعر :
مُعَاويَ إنّنا بشرٌ فأَسْجِحْ |
|
فَلَسْنا بالجِبالِ ولاَ الحَديدا |
انتهى.
وأمّا من احتج بأنّ عطف الاَرجل بالنصب على لفظ الوجوه والاَيدي أْولى من العطف على موضع الرؤوس؛ لاَنّ العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع ، فاحتجاجه باطل ولا يمكن أن يصار إليه ، وإنّ سلّمنا بقوله بأنّ العطف على اللفظ أقوى منه على الموضع؛ لاَنّ