[رأي الزمخشري في نصب (وأرجلكم) وجرها]
وقد اختار الزمخشري (١) في (الكشاف) قراءة النصب ، حيث قال : (قرأ) (٢) جماعة (وأرجلكم) بالنصب ، فدل على أن الأرجل مغسولة.
ولما لم يلتفت إلى احتمال جر (الأرجل) بالمجاورة ـ لإبطاله إياه في سائر كتبه ، وتشنيعه على القائلين به ، حتى لم يره قابلا للرواية ، ولا ارتضاه) (٣) للنقل والحكاية ـ تمحل في دفع تعارض قراءة الجر بما لا يغني من جوع (٤) ، فقال :
إن قلت : فما تصنع بقراءة الجر ، ودخولها في حكم المسح؟
__________________
(١) هو محمود بن عمر بن أحمد ، أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي المعتزلي ، يُلَقَّب بـ (جارالله)؛ لاَنّه جاور بمكة زماناً ، ولد في رجب سنة ٤٦٧ هـ بزمخشر إحدى قرى خوارزم ، كان واسع العلم ، نحوياً ولغوياً ومفسّراً ، من تصانيفه المطبوعة التي وقفت عليها : أساس البلاغة ، وربيع الاَبرار ، والفائق في غريب الحديث ، والمفصّل في علم العربية ، والمستقصى من أمثال العرب ، ومقامات الزمخشري ، والكشّاف ، وإعجاز سورة الكوثر ، مات ليلة عرفة سنة ٥٣٨ هـ.
النجوم الزاهرة ٥/٢٧٤ ، المنتظم ١٨/٤١٠٤ ، إنباه الرواة ٣/٢٦٥ رقم ٧٥٣ ، معجم الاَُدباء ٥/٤٨٩ رقم ٩٤٥ ، الكامل ١١/٩٧ ، وفيّات الاَعيان ٥/١٦٨ رقم ٧١١ ، العبر ٢/٤٥٥ ، ميزان الاعتدال ٤/٧٨ رقم ٨٣٦٧ ، مرآة الجنان ٣/٢٦٩ ، البداية والنهاية ١٢/٢١٩ ، من المجلد السادس ، لسان الميزان ٦/٤ رقم ٦.
(٢) «قرأ» لم ترد في «ر».
(٣) في «م» : «ولا ارتضا» ، وفي «ر» : «وبارتضاه».
(٤) لم يكن المصنف قدس سره هنا بصدد تصحيح قراءة الجر بالمجاورة ، بمعنى أنْ تكون الاَرجل مجرورة لفظاً ، منصوبة بفتحة مقدرة على آخرها منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الجوار! وإنّما بصدد إثبات أنّ تحول الزمخشري من تأويل قراءة الجر بما يوافق الغسل من الجر بالمجاورة الباطل في نفسه إلى غيره كان تحوّلاً من سيء إلى أسوأ ، علاوة على مخالفته لتفسيرات من سبقه من العامّة أجمع.
وسوف يأتي ما يوضح هذه الحقيقة في متن هذه الرسالة وهوامشها ، فلاحظ.