والسبيل في مثله ـ على ما تقرر في الأصول ـ ترجيح إحديهما على الأخرى باعتبار المتن أو السند (١) ، إن لم يتساويا قوة في ذلك. وإلا فالحمل على نسخ المتقدم بالمتأخر ، إن علم التاريخ بوجه ما (٢). وإلا فطلب المخلص من قبل الحال أو غيره ، والجمع بين المتعارضين إن أمكن (٣) ، وإلا فالمصير إلى دليل دونهما كالسنة والإجماع والتمسك بالأصل كما فصل في الأصول.
__________________
= في آيات الكتاب المجيد البتة؛ لاَنّ مثل هذا النوع من التعارض لا يكون إلاّ في الاَدلّة الظنّية ، وأدلّة القرآن الكريم ليست كذلك ، وإنْ حصل في بعضها ما يوهم التعارض كالآيات المثبتة للرؤية والنافية لها مثلاً ، فهو من التعارض الظاهري ، ويصار ـ في إزالته ـ إلى فَهم دِلالة كلّ من الآيتين ثم اعتماد القرائن العقلية أو النقلية في عملية تأويل إحدى الآيتين بما يوافق دلالة الاَُخرى.
(١) وجوه الترجيح بين الخبرين المتعارضين باعتبار المتن والسند كثيرة ، فقد أوصلها بعضهم إلى خمسين وجهاً.
انظر : نهاية الوصول إلى علم الاَُصول ـ مخطوط ـ ورقة : ٣٢٥/ب من المطلب الثاني في وجوه الترجيح ، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ ـ لاَبي بكر الهمذاني ـ : ٥ ـ ٢٣ ، ونواسخ القرآن ـ لابن الجوزي ـ : ٢٣ ، والمستصفى ٢/٣٩٥ من الباب الاَوّل فيما ترجّح به الاَخبار ، والمحصول في علم الاَُصول ٢/٤٤٩ من المسألة الثانية في تعارض الدليلين ، وفرائد الاَُصول : ٨٠١ (الترجيح بالسند) و : ٨٠٣ (الترجيح بالمتن).
(٢) انظر : الذريعة إلى أُصول الشريعة ١/٤٧٣ تحت عنوان (في ما يعرف به تاريخ الناسخ والمنسوخ) ، وعدّة الاَُصول ـ مخطوط ـ ٢ : ورقة ٥٠/م ، ومفاتيح الاَُصول : ٧١٤ مصرّحاً فيه بأنّ تطرق النسخ إلى أحد الدليلين يكون من المرجّحات على ما ذهب إليه جماعة من علمائنا ، نقله عن النهاية.
(٣) الجمع بين المتعارضين يكون على ثلاثة أقسام ، هي :
الاَوّل : تأويلهما معاً ، وهذا لا يجوز.
الثاني : تأويل أحدهما بعينه ، وهذا ليس بتعارض حقيقة.
الثالث : تأويل أحدهما لا بعينه ، وهذا القسم هو المبحوث عنه.
راجع فرائد الاَُصول : ٧٥٦.