سمعه بأذنه.
٣ ـ إنه صرح بوثاقة الناقل وأمانته في تأدية الحديث ، وعليه فلا معنى للشك في صدقه أو التأمل في وثاقته ، ولا يبرر هذا الشك حرق الأحاديث ، على أنه يمكن له التأكد من سلامتها بعرضها على مجموع الصحابة ، فإن شهدوا بكذبها جميعا فعليه التشهير بناقلها وتأديبه كما يقتضيه واجبه الشرعي ، وإن قالوا بصحتها فيمضي ما جمعه بلا إحراق ، ليكون سنة حسنة تقتفى من بعده.
كل هذا يدل على أن وراء حرق الأحاديث سبب غير معلن ، لعدم قبول الأسباب المعلنة عقلا.
وفي «تذكرة الحفاظ» في ترجمة أبي بكر ، إنه جمع الناس بعد وفاة نبيهم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وقال لهم : «إنكم تحدثون عن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) شيئا ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه» (١).
وفيه :
إنه عبر عن رغبته في عدم انتشار الحديث ، فنهى عنه بذريعة الاختلاف! ويرد عليه ما أوردناه سابقا من إمكانية إزالة أسباب الاختلاف الحاصل في الأحاديث بيسر وسهولة قبل أن تتفاقم بعده ، أما تركها على ما هي عليه من الاختلاف ، والاكتفاء بمجرد النهي ، فليس هو الحل الإسلامي الذي ينبغي أن يصار إليه.
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٣ رقم ١.